صدقه ونبوته، وبالتالي على عصمته، وبعبارة أخرى صدق مدعى النبوة يثبت بالمعجزة إذا كان معصوما، ومن المعلوم عدم وجود دليل عقلي على عصمة مدعيها إلا أن يقال ان المعجزة كما تدل على صدق مدعى النبوة، تدل على عصمته أيضا، وعليه كيف يكون العقل هو المرجع الأول؟
قلت: أولا ما قلنا بأن العقل هو المرجع الأول فيه، هو لزوم العصمة في النبي والامام، وفرق بين مسألة وجوب كون النبي والامام معصومين، وبين مسألة معرفة المعصوم. والمعجزة دليل على صدق مدعى النبوة وعصمته بحكم العقل، فما يدل عليه العقل أولا بدون الاستعانة بالمعجزة هو لزوم بعث النبي ونصب الامام، ولزوم اتصافهما بالعصمة، وما يحكم العقل به بالمعجزة هو كون هذا الشخص المعين هو النبي المعصوم، والامام المعصوم.
وثانيا: المعجزة، وإن يثبت بها صدق النبي وعصمته، ليست من الأدلة السمعية والشرعية، بل هي مما يثبت بها الشرع وحجية السمع. فمعجزات الأنبياء والأولياء خارجة عن أدلة السمعية الشرعية، ومدلولها ليس من الأمور التي تثبت بإخبار النبي والامام. فظهر بذلك أن لا منافاة بين كون العقل حاكما بلزوم العصمة في النبي والامام، وبين كون المعجزة دليلا على صدق النبي وعصمته وكذلك الامام، وان هذا أيضا حكم العقل وليس من الشرع وما يثبت حجيته وحقيته بالمعجزة بشئ.
نعم هنا أمر لا بأس بالإشارة إليه، وهو ان المعجزة إنما تكون دليلا على العصمة إذا لم يكن في مدعى النبوة عملا وخلقا وخلقا ما ينافي العصمة، وإذا كان فيه ما ينافي ذلك كارتكاب القبائح، و سوء الأخلاق، فهو الدليل على أن ما يظهره بعنوان المعجزة ليس معجزة، لان الله لا يؤيد عمل المبطلين، ولا يصلح عمل المفسدين.