إذ لا اختيار له حينئذ، لأنهما يستحقان على فعل الممكن وتركه، لكنه يستحق المدح والثواب لعصمته إجماعا فيكون قادرا. " وقال الأشاعرة: " هي القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية ". 7 وقال بعض الحكماء: " ان المعصوم خلقه الله جبلة صافية، وطينة نقية، ومزاجا قابلا، وخصه بعقل قوي، وفكر سوي، وجعل له ألطافا زائدة، فهو قوي بما خصه على فعل الواجبات، واجتناب المقبحات، والالتفات إلى ملكوت السماوات، والاعراض عن عالم الجهات، فيصير نفس الامارة مقهورة مأسورة مقهورة في حيز النفس العاقلة.
وقيل: هو المختص بنفس هي أشرف النفوس الانسانية، ولها عناية خاصة، وفيض خاص يتمكن به من أسر القوة الوهمية والخيالية الموجبتين للشهوة والغضب المتعلق كل ذلك بالقوة الحيوانية. " ولبعضهم كلام حسن جامع هنا، قالوا: " العصمة ملكة نفسانية يمنع المتصف بها من الفجور مع قدرته عليه، ويتوقف هذه الملكة على العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات، لان العفة متى حصلت في جوهر النفس، وانضاف إليها العلم التام بما في المعصية من الشقاوة، والطاعة من السعادة، صار ذلك العلم موجبا لرسوخها في النفس، فتصير ملكة، ثم إن تلك الملكة إنما يحصل له بخاصية نفسية أو بدنية تقتضيها، وإلا لكان اختصاصه بتلك الملكة دون بني نوعه ترجيحا من غير مرجح، ويتأكد ذلك العلم بتواتر الوحي وان يعلم المؤاخذة على ترك الأولى. " 8