فعلى المكروهات، أصفى نفسا منك ومن غيرك.
وبالجملة فالحضور ضد الغياب، والتوجه ضد الانصراف. فمن كان في محضر المولى ليس بغايب عنه، ومن ذاق حلاوة قربه ومؤانسته لا يبتغي عنها بدلا، ومن جلس على بساط عبادته وأدرك لذة مناجاته، يقول كما قال زين العابدين - عليه السلام -:
" متى راحة من نصب لغيرك بدنه؟ ومتى فرح من قصد سواك بنيته؟ " قال العلامة الجليل السيد عبد الله شبر:
" العصمة عبارة عن قوة العقل من حيث لا يغلب مع كونه قادرا على المعاصي كلها كجائز الخطاء. وليس معنى العصمة ان الله يجبره على ترك المعصية، بل يفعل به ألطاف يترك معها المعصية باختياره مع قدرته عليها كقوة العقل، وكمال الفطانة والذكاء، ونهاية صفاء النفس، وكمال الاعتناء بطاعة الله تعالى. ولو لم يكن قادرا على المعاصي، بل كان مجبورا على الطاعات، لكان منافيا للتكليف، ولا إكراه في الدين.
والنبي أول من كلف، حيث قال: فأنا أول العابدين، وأنا أول المسلمين. وقال تعالى: " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ". ولأنه لو لم يكن قادرا على المعصية لكان أدنى مرتبة من صلحاء المؤمنين القادرين على المعاصي التاركين لها. " 1 وقال الشريف الاجل شارح الصحيفة:
" العصمة في اللغة: اسم من عصمه الله من المكروه، يعصمه - من باب ضرب - بمعنى حفظه ووقاه، وفي العرف: فيض إلهي يقوي به العبد على تحري الخير، وتجنب الشر. " 2