أقول: لا ريب ان الاختصاص بتلك الملكة إنما يكون بجهة مرجحة يعلمها الله تعالى، وليس علينا السؤال عن هذه الجهة، وهذا كاختصاص كثير من المخلوقات بل كلها بأوصاف خاصة واختلافهم في الافراد والأنواع، واختصاص السماء والأرض بالخلق وغير ذلك.
وما هو المعلوم عقلا وشرعا ان كل ذلك لم يكن عبثا، ومن خلق هذا الخلق، وجعل هذا النظام المتقن في كله واجزائه لم يكن لاعبا وعابثا. فالنظام الحاكم على عالم الانسان، والحاكم على عالم الحيوان، والنباتات بأنواعها، والجمادات كلها تشهد بحكمته وتقدسه عن اللغو و العبث.
قال سبحانه وتعالى في وصف أولى الألباب: " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " 9.
وقال تعالى جده: " ما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ". 10 وقال عز من قائل: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ". 11 وهذا لا يمنع عن القول بأشرفية البعض من البعض وأفضليته، بل غاية ما يقال فيه ان ذلك بتقديره وحكمته.
فالسؤال الذي ربما يختلج في بعض الأذهان في اصطفاء من اصطفاه الله من الأنبياء والأئمة - عليهم السلام -، هو السؤال عن اختصاص كل ذي فضل في هذا العالم بنوعه أو فرده على غيره.