إلا انعكاس لقلوب مملوءة بالحقد على النبي، وعلى آل محمد ومسكونة بشبح الوتر والثأر كما بينا، وسيظهر بهذا التحليل أن الذين وقفوا على أهبة الاستعداد لقتال الإمام الحسين وقتله، وإبادة أهل بيت النبوة لم يكونوا بشرا، إنما كانوا وحوشا مفترسة ضارية ولكن على هيئة البشر!!! لم يعرف التاريخ البشري جيشا بهذا الخلق والانحطاط، ولا حاكما بتلك الجلافة، والفساد، والحقد، إنها نفوس مريضة نتنة، وتغطي على مرضها ونتنها بالادعاء الزائف بالإسلام، والإسلام برئ منهم، فلقد دخلوه مكرهين، وخرجوا منه طائعين، ألا بعدا لهم كما بعدت ثمود، وما يعنينا هنا أن الجمعين بحالة التأهب القصوى، وأن كلمة سوء واحدة تخرج من فم عمر بن سعد ستشعل نار الحرب بعد أن صلى عمر بن سعد بن أبي وقاص بالجيش الإسلامي صلاة العصر وصلوا جميعا على محمد وآل محمد، نادى عمر بن سعد بأعلى صوته قائلا: " يا خيل الله اركبي وابشري "، ثم زحف نحو الحسين وأصحابه، وجاء العباس بن علي، وقال للإمام: " يا أخي أتاك القوم "، فنهض الإمام الحسين وقال: " يا عباس اركب، بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم، وتسألهم عما جاء بهم "؟.
فاستقبلهم العباس في عشرين فارسا فيهم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر فقال لهم العباس: ما بدا لكم، وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم. قال العباس: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم. فوافقوا، ووقف أصحاب العباس يخاطبون القوم بالوقت الذي انطلق فيه العباس ليخبر الإمام، وأخبره العباس بما سمع.
فقال الإمام الحسين: " ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وترفعهم عنا العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار " (1) وأقبل العباس بن علي