كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٠٥
إلا انعكاس لقلوب مملوءة بالحقد على النبي، وعلى آل محمد ومسكونة بشبح الوتر والثأر كما بينا، وسيظهر بهذا التحليل أن الذين وقفوا على أهبة الاستعداد لقتال الإمام الحسين وقتله، وإبادة أهل بيت النبوة لم يكونوا بشرا، إنما كانوا وحوشا مفترسة ضارية ولكن على هيئة البشر!!! لم يعرف التاريخ البشري جيشا بهذا الخلق والانحطاط، ولا حاكما بتلك الجلافة، والفساد، والحقد، إنها نفوس مريضة نتنة، وتغطي على مرضها ونتنها بالادعاء الزائف بالإسلام، والإسلام برئ منهم، فلقد دخلوه مكرهين، وخرجوا منه طائعين، ألا بعدا لهم كما بعدت ثمود، وما يعنينا هنا أن الجمعين بحالة التأهب القصوى، وأن كلمة سوء واحدة تخرج من فم عمر بن سعد ستشعل نار الحرب بعد أن صلى عمر بن سعد بن أبي وقاص بالجيش الإسلامي صلاة العصر وصلوا جميعا على محمد وآل محمد، نادى عمر بن سعد بأعلى صوته قائلا: " يا خيل الله اركبي وابشري "، ثم زحف نحو الحسين وأصحابه، وجاء العباس بن علي، وقال للإمام: " يا أخي أتاك القوم "، فنهض الإمام الحسين وقال: " يا عباس اركب، بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم، وتسألهم عما جاء بهم "؟.
فاستقبلهم العباس في عشرين فارسا فيهم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر فقال لهم العباس: ما بدا لكم، وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم. قال العباس: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم. فوافقوا، ووقف أصحاب العباس يخاطبون القوم بالوقت الذي انطلق فيه العباس ليخبر الإمام، وأخبره العباس بما سمع.
فقال الإمام الحسين: " ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وترفعهم عنا العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار " (1) وأقبل العباس بن علي

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣١٤، والإرشاد للمفيد ص ٢٣٠، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٩ والبداية والنهاية ج ٨ ص ١٩٠، وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٩١ والعوالم ج 17 ص 242 ووقعة الطف ص 193.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327