كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٩٢
له الحر: أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى؟ قال عمر بن سعد: أما والله لو كان الأمر بيدي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى ذلك. عندئذ صمم الحر أن ينضم إلى الإمام الحسين، فوقف أمام الناس وادعى أنه يريد أن يسقي فرسه، وانطلق حتى أتى الإمام فقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم ببعض أمرهم، ولا يرون أني خرجت من طاعتهم، وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، والله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك، ما ركبتها منك، وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك أفترى ذلك لي توبة؟ قال الإمام: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحر بن يزيد، قال الإمام: أنت الحر كما سمتك أمك، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة، انزل، قال الحر: أنا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري، قال الإمام:
فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.
موعظة الحر لأهل الكوفة سكان الكوفة كانوا يشكلون نسبة عالية من جيش الطاغية، وها هو بعض السر في تركيز الإمام عليهم، والحر كواحد من أبرز قادة هذا الجيش الفرعون كان يعرف هذه الحقيقة، فلما تاب وهداه الله، أراد أن يعلن ذلك، فعندما يعلم جيش الدولة أن أبرز قادته وأذكاهم، قد تركهم والتحق بالإمام، فإن ذلك سيكون له أثر عظيم، واستهل الحر بسؤال وجيه ومنطقي وجهه إلى هذا الجيش فقال: " أيها القوم ألا تقبلون من حسين خصلة من الخصال التي عرض عليكم، فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قال الجيش: هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه الحر بمثل ما كلمه به من قبل.
قال عمر بن سعد: قد صرحت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327