له الحر: أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى؟ قال عمر بن سعد: أما والله لو كان الأمر بيدي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى ذلك. عندئذ صمم الحر أن ينضم إلى الإمام الحسين، فوقف أمام الناس وادعى أنه يريد أن يسقي فرسه، وانطلق حتى أتى الإمام فقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم ببعض أمرهم، ولا يرون أني خرجت من طاعتهم، وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، والله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك، ما ركبتها منك، وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك أفترى ذلك لي توبة؟ قال الإمام: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحر بن يزيد، قال الإمام: أنت الحر كما سمتك أمك، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة، انزل، قال الحر: أنا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري، قال الإمام:
فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.
موعظة الحر لأهل الكوفة سكان الكوفة كانوا يشكلون نسبة عالية من جيش الطاغية، وها هو بعض السر في تركيز الإمام عليهم، والحر كواحد من أبرز قادة هذا الجيش الفرعون كان يعرف هذه الحقيقة، فلما تاب وهداه الله، أراد أن يعلن ذلك، فعندما يعلم جيش الدولة أن أبرز قادته وأذكاهم، قد تركهم والتحق بالإمام، فإن ذلك سيكون له أثر عظيم، واستهل الحر بسؤال وجيه ومنطقي وجهه إلى هذا الجيش فقال: " أيها القوم ألا تقبلون من حسين خصلة من الخصال التي عرض عليكم، فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قال الجيش: هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه، فكلمه الحر بمثل ما كلمه به من قبل.
قال عمر بن سعد: قد صرحت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت.