وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بقيت لي عضدي ما أسرتموني (1)، وجرد شمر بن ذي الجوشن سيفه، فقال له نافع: والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه، ثم قدمه شمر وضرب عنقه صبرا (2).
ميمنة وميسرة وقلب جيش الخلافة البالغ ثلاثين ألفا يهجمون هجوما واحدا مركزا على معسكر الحسين الذي فيه أهله وقرابة مائة من أهل بيته وأنصاره، واستعمل جيش الخلافة كامل عدته وعتاده أثناء هجومه المركز على ثلاثة محاور، ومع هذا صمد الإمام الحسين وأهل بيته وأنصاره وهم لا يتجاوزون المائة وقاتلوا قتالا يفوق حد الوصف والتصور من بعيد صلاة الفجر حتى منتصف النهار، ووصف الطبري قتالهم " بأنه أشد قتال خلقه الله "، وفشل جيش الخلافة باختراق معسكر الحسين أو الوصول إلى خيامه، بعد أن خسر ذلك الجيش المئات إن لم يكن الآلاف من أفراده القذرين الذين لا خلاق لهم، ولم يقدر هذا الجيش على قتال الإمام الحسين وأهله وأصحابه إلا من جهة وذلك لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض كما وصف ذلك الطبري في تاريخه.
صلاة الظهر:
أخذ أصحاب الإمام يتساقطون كالفراقد، واحدا واحدا واثنين اثنين وأربعة أربعة، وضيق جيش الخلافة الخناق على الإمام، واقتربوا منه، فقال أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي: يا أبا عبد الله نفسي لك الفداء، إني لأرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها، فرفع الإمام رأسه ثم قال: " ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا أول وقتها "، ثم قال: " سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي، فنادى منادي أصحاب الحسين بذلك، فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل!! فقال له حبيب بن مظاهر: زعمت أن الصلاة من آل رسول الله لا تقبل