كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣١٦
وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بقيت لي عضدي ما أسرتموني (1)، وجرد شمر بن ذي الجوشن سيفه، فقال له نافع: والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه، ثم قدمه شمر وضرب عنقه صبرا (2).
ميمنة وميسرة وقلب جيش الخلافة البالغ ثلاثين ألفا يهجمون هجوما واحدا مركزا على معسكر الحسين الذي فيه أهله وقرابة مائة من أهل بيته وأنصاره، واستعمل جيش الخلافة كامل عدته وعتاده أثناء هجومه المركز على ثلاثة محاور، ومع هذا صمد الإمام الحسين وأهل بيته وأنصاره وهم لا يتجاوزون المائة وقاتلوا قتالا يفوق حد الوصف والتصور من بعيد صلاة الفجر حتى منتصف النهار، ووصف الطبري قتالهم " بأنه أشد قتال خلقه الله "، وفشل جيش الخلافة باختراق معسكر الحسين أو الوصول إلى خيامه، بعد أن خسر ذلك الجيش المئات إن لم يكن الآلاف من أفراده القذرين الذين لا خلاق لهم، ولم يقدر هذا الجيش على قتال الإمام الحسين وأهله وأصحابه إلا من جهة وذلك لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض كما وصف ذلك الطبري في تاريخه.
صلاة الظهر:
أخذ أصحاب الإمام يتساقطون كالفراقد، واحدا واحدا واثنين اثنين وأربعة أربعة، وضيق جيش الخلافة الخناق على الإمام، واقتربوا منه، فقال أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي: يا أبا عبد الله نفسي لك الفداء، إني لأرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها، فرفع الإمام رأسه ثم قال: " ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا أول وقتها "، ثم قال: " سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي، فنادى منادي أصحاب الحسين بذلك، فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل!! فقال له حبيب بن مظاهر: زعمت أن الصلاة من آل رسول الله لا تقبل

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٥٣.
(2) العوالم ص 91، وأبصار العين.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327