كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٠٦
يركض على فرسه حتى انتهى إليهم فقال: يا هؤلاء إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في الأمر، فإن هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله، فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه. وهدفه أن يردهم تلك العشية.
فقال عمر بن سعد: يا شمر ما ترى؟ قال شمر: أنت الأمير والرأي رأيك، وأقبل عمر بن سعد على الناس فقال: ما ترون؟ قال عمرو بن الحجاج الزبيدي:
سبحان الله والله لو كانوا من أهل الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها، فأجابهم عمر بن سعد، وروى الطبري عن الضحاك بن عبد الله المشرفي قال: فلما أمسى حسين وأصحابه، قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون، ويدعون ويتضرعون، وتمر بنا خيل لهم تحرسهم، وإن حسينا ليقرأ * (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين وما كان الله ليدر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) * [آل عمران / 178 - 179]، فسمعها رجل من تلك الخيل التي كانت تحرسنا فقال: " نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم.... " (1) وكانت تلك الليلة هي ليلة العاشر من محرم.
القتال الضاري في كربلاء من الذي بدأ القتال؟:
القتال بطبيعته كره، وشر على الغالب، ومن يبدأ القتال، يلج ما تكرهه النفس، ويفتح أبواب الشر المغلقة، وطوال عهد النبوة الزاهر لم يصدف على الإطلاق أن بدأ النبي القتال مع أعدائه، فكان المشركون هم الذين يبدأوا بالقتال ولم يصدف أن أمر أحد رجاله أو أولياءه بالخروج للمبازرة بدءا، وكان أعداؤه هم الذين يخرجون أولا بعض رجالهم للمبارزة وبعد ذلك ينتدب النبي من أوليائه من يبارزهم!! كان يتجنب دائما يبدأ خصومه بالقتال فإذا بدأ خصمه بالقتال عندئذ

(١) راجع معالم المدرستين ج ١ ص ٩٢ نقلا عن الطبري من ج 6 ص 232 - 270.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327