الفصل الرابع الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا تيقن الإمام من أن بني أمية سيهجمون عليه بين لحظة وأخرى، وأن الحرب واقعة لا مفر منها، وهي حرب غير متكافئة من جميع الوجوه، وأن مصيره ومصير من يبقى معه سيكون القتل لا محالة، ورأى الإمام أن واجبه أن يرفع الحرج عن نفسه، وأن يعطي أصحابه الفرصة لإعادة النظر في مواقفهم النبيلة قبل أن يبدأ القتال، وفي مساء اليوم السابق ليوم عاشوراء جمع الإمام أصحابه وخطب فيهم الخطبة التالية:
" أثني على الله أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين، أما بعد:
فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا، ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم حرج مني ولا ذمام، هذا الليل غشيكم فاتخذوه جملا " (1).
وقال ابن أعثم الكوفي إن الإمام قد قال: " إني لا أعلم أصحابا أصح منكم ولا أعدل، ولا أفضل أهل بيت، فجزاكم الله عني خيرا، فهذا الليل قد أقبل فقوموا فاتخذوه جملا، وليأخذ كل واحد منكم بيد صاحبه أو رجل من أخوتي وتفرقوا في سواد الليل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يطلبون غيري، ولو