اجلسا، فقال عبد الله بن عمير الكلبي: أبا عبد الله ائذن لي لأخرج إليهما، فرآه الإمام الحسين رجلا طويلا، شديد الساعدين، ما بين المنكبين، فقال الإمام:
" إني لأحسبه للأقران قتالا، اخرج إن شئت فخرج إليهما. فقالا له: من أنت، فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك ليخرج إلينا زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير!!!.
فقال الكلبي ليسار: يا ابن الزانية، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس، وما يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك، ثم شد الكلبي عليه فضربه بسيفه، فبينما هو منشغل به يضربه بسيفه شهر عليه سالم مولى عبيد الله، فصاح به أصحاب الحسين: قد رهقك العبد فلم يأبه له حتى غشيه، فبدره الضربة فاتقاه الكلبي بيده اليسرى، فأطاح أصابع كفه اليسرى، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتى قتله، فأقبل الكلبي وقد قتل الاثنين، فأخذت امرأته أم وهب عمودا ثم أقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد! ورجته أن تقاتل إلى جانبه لتموت معه، وتعلقت بأثوابه، فناداها الإمام الحسين قائلا: " جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي يرحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن، فإنه ليس على النساء قتال ". فانصرفت إليهن (1).
أخذ أصحاب الإمام الحسين يبرزون، اثنين اثنين وأربعة أربعة، فيبرز لهم من جيش الخلافة، أعداد مماثلة، وفي كل مرة كان أصحاب الحسين يقتلون أندادهم من جيش الخلافة، ويفتكون بمن يجدوه في طريقهم من ذلك الجيش فتكا ذريعا، واكتشف قادة جيش الخلافة خطورة المبارزة على الجيش، فصاح عمر بن الحجاج بأصحابه: " أتدرون من تقاتلون، إنكم تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر، وقوما مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم، فقال عمر بن سعد: " صدقت الرأي ما رأيت أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم، ولو خرجتم