فقامت بنو هاشم وسلوا سيوفهم في وجه العباس، وقالوا: نحن على ما أنت عليه.
وفي خيمة أخرى اجتمع الأصحاب فقال لهم حبيب بن مظاهر: يا أصحابي لم جئتم إلى هذا المكان، أوضحوا كلامكم رحمكم الله؟، فقالوا بلسان واحد:
أتينا لننصر غريب فاطمة!! فقال لهم: لم طلقتم حلائلكم؟ فقالوا لذلك، قال حبيب: فإذا كان الصباح فما أنتم قائلون؟ فقالوا: الرأي رأيك، ولا نتعدى قولا لك. قال حبيب: فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم، نحن نقدمهم القتال، ولا نرى هاشميا مضرجا بدمه، وفينا عرق يضرب لئلا يقول الناس: قدموا ساداتهم للقتال، وبخلوا عليهم بأنفسهم، فهزوا سيوفهم على وجهه وقالوا: نحن على ما أنت عليه، قالت الرواية زينب عليها السلام، " فلقيت الحسين بعد ذلك فسكنت نفسي وتبسمت في وجهه فقال: " أخيه " قلت لبيك يا أخي، فقال: يا أختاه منذ رحلنا من المدينة ما رأيتك مبتسمة، أخبريني ما سبب تبسمك؟ قالت:
فقلت له: رأيت من فعل بني هاشم والأصحاب كذا وكذا... فقال الإمام: يا أختاه اعلمي أن هؤلاء أصحابي من عالم الذر، وبهم وعدني رسول الله، هل تحبين أن تنظري إلى ثبات أقدامهم قالت نعم، قال: عليك بظهر الخيمة، ثم ناداهم وعرض عليهم أن ينصرفوا في سواد الليل، فأبوا " (1).
دعاء الإمام الحسين:
عندما رأى الإمام الحسين جمع جيش الخلافة كأنه السيل، ورأى الخيل تتأهب للانطلاق نحوه، رفع الإمام يديه وقال: " اللهم أنت ثقتي في كل كرب وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو، أنزلته بك، وشكوته إليك، رغبة مني إليك عمن سواك، ففرجته عني وكشفته، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة " (2).