الفصل الرابع رحلة الإمام الحسين للشهادة في سبيل الله الطريق إلى الموت:
يوم امتنع الإمام الحسين عن مبايعة يزيد، كان موقنا أنه قد سلك الطريق إلى الموت، وأن يزيد وجنوده سيقتلونه، وسيقتلون أهل بيت النبوة إن عاجلا أم آجلا، وأن مسألة قتلهم مسألة وقت ليس إلا، وقد خصصنا بحثا في الفصول السابقة بعنوان " يقين الإمام الحسين " أثبتنا فيه أن الإمام كان يعرف أين يقتل، وكيف يقتل، ومن يقتل معه، ومتى يقتل، ومن هم القتلة،!! كان موقنا أن المنايا يرصدنه ليبقى دائما على طريق الموت لا يحيد عنها قيد أنملة، وكان الإمام دقيقا إلى درجة التصوير الفني عندما تمثل بقول يزيد بن المفرغ الحميري وهو يدخل لوداع جده العظيم:
يوم أعطى مخافة الموت ضيما * والمنايا ترصدنني أن أحيدا (1) ومع يقين الإمام أنه يسلك هو وأهل بيته الطاهرين، وأصحابه الصادقين الطريق إلى الموت، وأن الفرعون وجنوده سيطاردونهم حتى يظفروا بهم، وأنهم سيقتلونهم أشنع قتلة، إلا أن الإمام قد صمم بأن يكون موته، وموت أهل بيته، وأصحابه الصادقين، (موتا من نوع خاص) يليق بعظمة الإمام وطهر أهل بيت النبوة، وجلال وشموخ الصادقين من أصحابه، موتا ينالون به أعظم درجات الشهادة عند الله تعالى، هكذا وصاه الجد العظيم يوم جاء الحسين لوداعه (2)،