تجاوز حد التصور والتصديق:
عندما تستعرض بذهنك صور كثرة جيش الخلافة، وصور عدته واستعداداته وإمكانيات وطاقات الدولة التي تدعمه، ومكانتها في العالم السياسي المعاصر لها كدولة عظمى، وتستعرض صورة الجمع الآخر الذي كان يضم الإمام الحسين وآل محمد وذوي قرباه، والقلة القليلة التي أيدتهم ووقفت معهم، فإنك لا تستطيع أن تصدق أن مواجهة عسكرية يمكن أن تحدث بين هذين الجمعين!!! وأن احتمال حدوث مواجهة عسكرية أمر يفوق حد التصور والتصديق، فجيش الخلافة بغنى عن هذه المواجهة، لأنه ليست له على الإطلاق ضرورة عسكرية وليست هنالك ضرورة لتعذيب الإمام الحسين وأهل بيت النبي وذوي قرباه وصحبه وأطفالهم ونسائهم وهم أحياء، والحيلولة بينهم وبين ماء الفرات الجاري، ومنعهم من الماء، حتى يموتوا عطشا في صيف الصحراء الملتهب!!! ثم إن جيش الخلافة لو حاصرهم يومين آخرين فقط لماتوا من العطش من دون قتال، ولما كانت هنالك ضرورة لتلك المواجهة العسكرية المخجلة!!! إن أي إنسان يعرف طبيعة الإمام الحسين، وطبيعة آل محمد، وذوي قرباه يخرج بيقين كامل بأنهم أكبر وأعظم من أن يعطوا الدنية مخافة الموت، لأن الموت بمفاهيمهم العلوية الخالدة أمنية، وخروج من الشقاء إلى السعادة المطلقة!! ثم لو أن جد الإمام الحسين كان رجل دين لأي ملة من الملل لوجد الجيش - أي جيش - حتى جيوش المشركين حرجا كبيرا لمجرد التفكير في قتله!!! ولكان وضعه الديني حاجزا لذلك الجيش عن سفك دمه!! فكيف بابن بنت رسول الله محمد، وبإمام كالإمام الحسين!!! ثم إن قتل الرجل وأولاده وأهل بيته دفعة واحدة يثير بالإنسان أي إنسان!! حتى إنسان العصور الحجرية شعورا بالاشمئزاز والاستياء، لأنه عمل يعارض الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، فكيف برجل كالإمام وبأهل بيت كأهل بيت النبوة!!!
ويظهر لنا أن تصرفات الخليفة وأعماله، وأعمال أركان دولته، ما هي في الحقيقة