كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٠٤
تجاوز حد التصور والتصديق:
عندما تستعرض بذهنك صور كثرة جيش الخلافة، وصور عدته واستعداداته وإمكانيات وطاقات الدولة التي تدعمه، ومكانتها في العالم السياسي المعاصر لها كدولة عظمى، وتستعرض صورة الجمع الآخر الذي كان يضم الإمام الحسين وآل محمد وذوي قرباه، والقلة القليلة التي أيدتهم ووقفت معهم، فإنك لا تستطيع أن تصدق أن مواجهة عسكرية يمكن أن تحدث بين هذين الجمعين!!! وأن احتمال حدوث مواجهة عسكرية أمر يفوق حد التصور والتصديق، فجيش الخلافة بغنى عن هذه المواجهة، لأنه ليست له على الإطلاق ضرورة عسكرية وليست هنالك ضرورة لتعذيب الإمام الحسين وأهل بيت النبي وذوي قرباه وصحبه وأطفالهم ونسائهم وهم أحياء، والحيلولة بينهم وبين ماء الفرات الجاري، ومنعهم من الماء، حتى يموتوا عطشا في صيف الصحراء الملتهب!!! ثم إن جيش الخلافة لو حاصرهم يومين آخرين فقط لماتوا من العطش من دون قتال، ولما كانت هنالك ضرورة لتلك المواجهة العسكرية المخجلة!!! إن أي إنسان يعرف طبيعة الإمام الحسين، وطبيعة آل محمد، وذوي قرباه يخرج بيقين كامل بأنهم أكبر وأعظم من أن يعطوا الدنية مخافة الموت، لأن الموت بمفاهيمهم العلوية الخالدة أمنية، وخروج من الشقاء إلى السعادة المطلقة!! ثم لو أن جد الإمام الحسين كان رجل دين لأي ملة من الملل لوجد الجيش - أي جيش - حتى جيوش المشركين حرجا كبيرا لمجرد التفكير في قتله!!! ولكان وضعه الديني حاجزا لذلك الجيش عن سفك دمه!! فكيف بابن بنت رسول الله محمد، وبإمام كالإمام الحسين!!! ثم إن قتل الرجل وأولاده وأهل بيته دفعة واحدة يثير بالإنسان أي إنسان!! حتى إنسان العصور الحجرية شعورا بالاشمئزاز والاستياء، لأنه عمل يعارض الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، فكيف برجل كالإمام وبأهل بيت كأهل بيت النبوة!!!
ويظهر لنا أن تصرفات الخليفة وأعماله، وأعمال أركان دولته، ما هي في الحقيقة
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327