كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٠٧
كان النبي يقاتل القوم بعد أن يبلغهم الحجة. وكذلك فعل الإمام علي فطوال عهده الرائد لم يبدأ أعداءه بالقتال، وكان أعداؤه هم الذين يبدؤون.
والإمام الحسين هو الإمام الشرعي، وهو الوارث لعلم الشرعية الإلهية وأخلاقياتها وهم الملتزم بسنة جده ومسلك أبيه، سواء في ما يتعلق ببدء القتال أو بأخلاقيات هذا القتال، فعندما أجبرتهم طليعة جيش بني أمية أن ينزلوا في كربلاء بعراء وبغير خضرة ولا ماء، وقبل أن يحضر الجيش قال له زهير بن القين:
" إني والله لا أرى أن يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون، يا ابن رسول الله إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به، فقال الإمام الحسين: " ما كنت لأبدأهم بالقتال " (1)، ويوم المذبحة نادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته: " يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة! فقال الإمام الحسين: من هذا كأن شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا: نعم أصلحك الله هو هو، فقال الإمام: يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول الله جعلت فداك ألا أرميه بسهم، فإنه قد أمكنني، وليس سقط سهم مني، فالفاسق من أعظم الجبارين، فقال الإمام الحسين: " لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم " (2)، ولم يفكر الإمام بقتالهم إلا بعد إعذارهم وإقامة الحجة عليهم، وقتال الإمام دفاعي من جميع الوجوه.
كيف بدأ القتال؟:
أصبح الإمام يوم عاشوراء، وصلى الصبح بأصحابه ثم وقف بينهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أذن الله تعالى بقتلي وقتلكم في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال "، ثم صفهم للحرب الدفاعية، فجعل زهير بن القين في الميمنة

(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٠٩، والإرشاد ص ٢٣٦، والمناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٩٦، وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٨٠، والعوالم ج ١٧ ص ٢٣٠ والأخبار الطول ص ٤٥٢ والموسوعة ص ٣٧٣.
(٢) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣١٨، والإرشاد للمفيد ص ٢٣٣ والكامل لابن الأثير اختصارا ج ٢ ص ٥٦١ وبحار الأنوار ج ٤٥ ص ٥ والعوالم ج 17 ص 248 ووقعة الطف ص 204 والموسوعة ص 415.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327