كان النبي يقاتل القوم بعد أن يبلغهم الحجة. وكذلك فعل الإمام علي فطوال عهده الرائد لم يبدأ أعداءه بالقتال، وكان أعداؤه هم الذين يبدؤون.
والإمام الحسين هو الإمام الشرعي، وهو الوارث لعلم الشرعية الإلهية وأخلاقياتها وهم الملتزم بسنة جده ومسلك أبيه، سواء في ما يتعلق ببدء القتال أو بأخلاقيات هذا القتال، فعندما أجبرتهم طليعة جيش بني أمية أن ينزلوا في كربلاء بعراء وبغير خضرة ولا ماء، وقبل أن يحضر الجيش قال له زهير بن القين:
" إني والله لا أرى أن يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون، يا ابن رسول الله إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به، فقال الإمام الحسين: " ما كنت لأبدأهم بالقتال " (1)، ويوم المذبحة نادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته: " يا حسين استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة! فقال الإمام الحسين: من هذا كأن شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا: نعم أصلحك الله هو هو، فقال الإمام: يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول الله جعلت فداك ألا أرميه بسهم، فإنه قد أمكنني، وليس سقط سهم مني، فالفاسق من أعظم الجبارين، فقال الإمام الحسين: " لا ترمه فإني أكره أن أبدأهم " (2)، ولم يفكر الإمام بقتالهم إلا بعد إعذارهم وإقامة الحجة عليهم، وقتال الإمام دفاعي من جميع الوجوه.
كيف بدأ القتال؟:
أصبح الإمام يوم عاشوراء، وصلى الصبح بأصحابه ثم وقف بينهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أذن الله تعالى بقتلي وقتلكم في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال "، ثم صفهم للحرب الدفاعية، فجعل زهير بن القين في الميمنة