أبي طالب، أخيه، وكان الإمام الحسين قد أمر أصحابه بحفر حفرة على هيئة خندق، وأمر أن تشعل فيها النيران (1)، " مثلما أمر أن يقرب بعضهم بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا بين البيوت حتى يستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وشمائلهم " (2) والعلة في ذلك تكمن في أن جيش بني أمية يحيط بمعسكر الإمام إحاطة السوار بالمعصم، فلو لم يفعل الإمام ذلك لما استطاع وصحبه أن يصمدوا لأكثر من دقيقتين ولتمكن جيش الخلافة من اجتياح معسكر الإمام بسهولة!!، إذ لم يصدف في التاريخ العسكري كله أن تجمع جيش بهذه الكثرة والضخامة ليحارب فئة محدودة بهذه القلة!!
وما يعنينا هنا أن أصحاب الإمام الحسين أصروا على أن يقاتلوا بين يدي الإمام وأهل بيت النبوة، حتى يموتوا جميعا عن بكرة أبيهم، وبعد ذلك لا لوم عليهم إن اضطر أهل بيت النبوة للقتال!!!.
والخلاصة أن الإمام وأهل بيته وأصحابه أخذوا مواقعهم الدفاعية وهم ينتظرون بين لحظة وأخرى، وقوع العدوان، هم على أهبة الاستعداد للتصدي للمعتدين، والقتال حتى الموت، وهذا أقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه، وتفصيل ذلك أن الإمام جمع أخوته وبني إخوته وبني عمومته وخطب فيهم ثم سألهم في النهاية إذا كان الصباح فما تقولون، فقالوا بلسان واحد: الأمر إليك ونحن لا نتعدى لك قولك.
فقال العباس: إن هؤلاء يعني الأصحاب، قوم غرباء، والحمل الثقيل لا يقوم به إلا أهله، فإذا كان الصباح فأول من يبرز للقتال أنتم، نحن نقدمهم للموت! لئلا يقول الناس: قدموا أصحابهم، فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة.