كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٠٢
أبي طالب، أخيه، وكان الإمام الحسين قد أمر أصحابه بحفر حفرة على هيئة خندق، وأمر أن تشعل فيها النيران (1)، " مثلما أمر أن يقرب بعضهم بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا بين البيوت حتى يستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وشمائلهم " (2) والعلة في ذلك تكمن في أن جيش بني أمية يحيط بمعسكر الإمام إحاطة السوار بالمعصم، فلو لم يفعل الإمام ذلك لما استطاع وصحبه أن يصمدوا لأكثر من دقيقتين ولتمكن جيش الخلافة من اجتياح معسكر الإمام بسهولة!!، إذ لم يصدف في التاريخ العسكري كله أن تجمع جيش بهذه الكثرة والضخامة ليحارب فئة محدودة بهذه القلة!!
وما يعنينا هنا أن أصحاب الإمام الحسين أصروا على أن يقاتلوا بين يدي الإمام وأهل بيت النبوة، حتى يموتوا جميعا عن بكرة أبيهم، وبعد ذلك لا لوم عليهم إن اضطر أهل بيت النبوة للقتال!!!.
والخلاصة أن الإمام وأهل بيته وأصحابه أخذوا مواقعهم الدفاعية وهم ينتظرون بين لحظة وأخرى، وقوع العدوان، هم على أهبة الاستعداد للتصدي للمعتدين، والقتال حتى الموت، وهذا أقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه، وتفصيل ذلك أن الإمام جمع أخوته وبني إخوته وبني عمومته وخطب فيهم ثم سألهم في النهاية إذا كان الصباح فما تقولون، فقالوا بلسان واحد: الأمر إليك ونحن لا نتعدى لك قولك.
فقال العباس: إن هؤلاء يعني الأصحاب، قوم غرباء، والحمل الثقيل لا يقوم به إلا أهله، فإذا كان الصباح فأول من يبرز للقتال أنتم، نحن نقدمهم للموت! لئلا يقول الناس: قدموا أصحابهم، فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة.

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٦ ص ٤٥٩ - ٤٦٠، والفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ١٠٧ ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٤٨ والموسوعة ص ٣٩٣.
(٢) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢١٧، والإرشاد ص 232 والعوالم ج 17 ص 246 ووقعة الطف ص 201، وراجع ما كتبناه تحت عنوان " الإمام يقيم الحجة على الفرعون وجنوده ".
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327