الفصل الثالث الأقلية التي وقفت مع الإمام الحسين (ع) أو تعاطفت معه ما من أمة من الأمم السابقة لأمة محمد إلا ووقفت أكثريتها الساحقة مع طاغيتها وضد نبيها، والأقلية القليلة من كل أمة من الأمم القبلية التي اختارت بمحض إرادتها أن تقف مع نبيها ولم يكن النبي محمد بدعا مع الرسل، إذ وقفت معه الأقلية القليلة، ووقفت ضده الأكثرية الساحقة من العرب، وحتى عندما فرض سلطانه على العرب وحولهم من دين إلى دين وقبيل وفاته لمت الأكثرية شملها،، ووقفت ضده وهو على فراش الموت وحالت بينه وبين كتابة ما أراد،!! كما بينا، بمعنى إن مواقف الأكثرية والأقلية من كل أمة هي حالة من التواصل والامتداد الطبيعي لموقف الأكثرية والأقلية من كل أمة من الأمم السابقة، فالأكثرية تقف مع مصالحها المرتبطة بنظام المجتمع السائد في زمنها، والأقلية تقف دائما مع مبادئها، ويبدو واضحا أن موقف الأكثرية والأقلية ظاهرة من ظواهر الاجتماع البشري الثابتة، فأقدم الأمم أمة نوح، وأحدث الأمم أمة محمد، فكل أمة من الأمم الواقعة ما بين الأمة الأقدم والأحدث، وقفت أكثريتها مع الباطل أو ما نسميه: مصالحها، ووقفت أقليتها مع الحق أو ما نسميه: المبادئ. فأكثرية الأمة الإسلامية التي وقفت مع يزيد بن معاوية وأركان دولته حفظا لمصالحها هي امتداد وتواصل طبيعي لموقف الأكثرية من كل أمة من الأمم السابقة التي اختارت الوقوف إلى جانب طاغوتها ونظامه السائد ضد النبي أو المصلح الذي جاء لإنقاذها، والأقلية من الأمة الإسلامية التي اختارت الوقوف إلى جانب الإمام الحسين ضد يزيد بن معاوية وأركان دولته هي أيضا حالة من التواصل والامتداد الطبيعي لأقليات الأمم السابقة التي اختارت الوقوف مع أنبيائها ومبادئهم..
(٩٩)