ثم من جهة أخرى فإن الرسول نفسه عاش هذه المحنة، فليلة هجرته تآمرت بطون قريش ال 23 على قتله، وشرعت بتنفيذ المؤامرة وكان النبي يعرف أنها ستطارده إن نجا من الموت، ومن هذا فإن النبي أمر علي بن أبي طالب، بأن يحمل ذريته ويلتحق به في اليوم التالي لهجرته.
ثم إن الإمام الحسين يريد من الأمة أن تستفيق من غفوتها القاتلة، وأن تصحو، ويريد أن يقيم الحجة عليها، وخروج الإمام بأهل بيته وذريته كلها أبلغ بالحجة، وأعمق تأثيرا، فعندما تسمع الأمة وتعلم بأن عميد أهل بيت النبوة، وأهل البيت، وآل محمد قد أخرجوا، كبيرا وصغيرا ذكرا وأنثى، وأن الخليفة قد خيرهم بين الموت أو البيعة، وأنه وجنوده في أثرهم يطاردونهم، وأن أهل بيت النبوة يبحثون عمن ينصرهم ويحميهم، فلن يبقى أمامها إلا أن تستجيب، أو تغلق أسماعها، وتغمض عيونها، وتتابع سباتها المذل، وتتجاهل نداء إمامها الشرعي، وتعيش بذل تحت حكم يزيد الظالم وتفعل ذلك مع سبق الترصد والإصرار، وبعد إقامة الحجة القاطعة عليها.
لماذا لم ينسحب الإمام الحسين؟:
من المؤكد أن الإمام الحسين قد تلقى رسالة من ابن عمه مسلم بن عقيل أخبره فيها أن ثمانية عشر ألفا من أهل الكوفة قد بايعوه (1) ومن المؤكد أن مئات الكتب والرسائل قد وصلته من أهل الكوفة تدعوه للقدوم، وتعد بالنصرة والحماية والمنعة (2) ومن المجمع عليه أن العديد من الرسل جاؤوه وطلبوا منه القدوم إلى الكوفة (3) ولا خلاف بأن الإمام الحسين قد وعدهم بالقدوم عليهم وعلى هذا