وقال ابن أعثم الكوفي: إن الإمام كتب لهم " فإن كنتم على ما قدمت به رسلكم وقرأت كتبكم فقوموا مع ابن عمي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه... " (1).
ثم طوى الكتاب وقال لمسلم إني موجهك إلى أهل الكوفة وهذه كتبهم... وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض على بركة الله.. " (2).
وهكذا عثر الإمام الحسين على المكان الذي يأوي إليه، والجماعة التي ستنصره وتحميه وتمنعه، فقد بايع أهل الكوفة مسلم بن عقيل، حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفا (3) وقيل: خمسا وعشرين ألفا (4) وقيل: أربعين ألفا (5) فكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين مع عابس بن شبيب الشاكري يخبره باجتماع أهل الكوفة على طاعته، وانتظارهم لقدومه، وجاء في كتاب مسلم: " الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا، فعجل الإقبال حين يأتيك كتابي " (6).
تقويم الاقتراحات والمكان الذي اختاره الإمام:
عرفنا أربعة نماذج من اقتراحات المشفقين على الحسين للبحث عن المأوى والحماية، فبعضهم نصح الإمام بالبقاء بالمدينة، وبعضهم نصحه بالبقاء في مكة، وبعضهم الآخر نصحه بالذهاب إلى اليمن، وبعضهم حذره من الذهاب إلى العراق، وقد أصغى الإمام لأصحاب المقترحات الأربعة وشكرهم دون الإفصاح عن رأيه بتلك المقترحات وقد رأينا بالدليل القاطع أن البقاء في المدينة بمثل ظروفها كارثة، فإن أهل المدينة لن يحموا الحسين.