حتمية مقتل الحسين:
كان الإمام الحسين قبل امتناعه عن البيعة بعشرات السنين على علم يقيني بكافة أخبار السماء عن مذبحة كربلاء، وقد تلقى هذه الأخبار من أبيه علي عن جده رسول الله، وتلقاها من أخيه الحسن عن جده رسول الله، وتلقاها من رسول الله مباشرة، وكان يعلم أنه سيموت بالعراق، وعلى شط الفرات، وفي مكان يقال له كربلاء، أو كرب وبلاء، وكان يعلم أنه سيقتل في زمن خليفة مترف، مستهتر، يقال له: يزيد، وبإشراف عمر بن سعد بن أبي وقاص، وبالاشتراك الفعلي من رجل أبقع " أبرص " عرفه في ما بعد بأنه شمر بن ذي الجوشن، وكان يعلم أن الأمة المحسوبة على جده هي التي ستقتله، فهي بين مشارك بالقتل، أو مؤيد له، أو خاذل ومتفرج عليه، كان يعلم كل ذلك بالرواية الصادقة اليقينية الموثوقة، وهو كان يسعى إلى قتل مشرف ينال به أعلى درجات الشهادة، ضمن إطار المعقول المنقول من نظرية الابتلاء الإلهية * (خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * [الملك / 2] * (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * [الكهف / 7].
قال الإمام الحسين لأخيه محمد بن الحنفية: " يا أخي لو كنت في بطن صخرة لاستخرجوني منها فيقتلونني " (1) وقال: " والله لو كنت في حجر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني منها حتى يقتلونني " (2).
وقالت له أم سلمة قبل خروجه من المدينة: إني سمعت جدك يقول: " يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء، فقال لها الإمام: يا أماه وأنا والله أعلم ذلك وإني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وإني والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها،