وأما البقاء في مكة فغير معقول أيضا فالحسين ليس أعظم من النبي، ومع هذا أخرجته مكة، وحاربه سكانها 23 عاما، فمكة ليست المأوى ولا المقام الآمن لسيد شباب أهل الجنة.
كذلك فإن فكرة الذهاب إلى اليمن فكرة غير معقولة، ولا تصلح أن تكون المأوى والمقام الآمن، وما فعله بسر بن أرطأة خير دليل.
معقولية قرار الإمام الحسين:
لقد سمعت جماعات الأمة الإسلامية كلها بامتناع الإمام الحسين عن البيعة وبخروجه من المدينة، وباستقراره مؤقتا في مكة، وعرفت كذلك أن الإمام الحسين يبحث عن مأوى ومكان آمن، وجماعة تحميه وتحمي أهل بيت النبوة من الأمويين وأذنابهم، فأغمضت كل تلك الجماعات عيونها، وأغلقت آذانها، وتجاهلت بالكامل محنة الإمام الحسين وأهل بيت النبوة، وأهل الكوفة هم وحدهم الذين كتبوا للإمام الحسين، وأرسلوا له رسلا ودعوه لا ليحموه فحسب بل دعوه ليكون إماما وقائدا لهم، وليس في ذلك غرابة، فالكوفة كانت عاصمة دولة الخلافة في زمن الإمام علي، والأكثرية الساحقة من أهل الكوفة عرفوا فضل علي خاصة وأهل بيت النبوة، وقارنوا بين حكم الإمام علي وسيرته وبين حكم الجبابرة وسيرهم، وادركوا البون الشاسع بين هذين الخطين من الحكم، فليس عجيبا بعد أن هلك معاوية أن يدركوا أن الفرصة مؤاتية لإعادة الحق إلى أهله خاصة بعد أن سمعوا بامتناع الإمام الحسين عن البيعة وخروجه من المدينة وبحثه عن المأوى الآمن له ولأهل بيته. فالمعقول أن يصدقهم الناس، والمعقول أيضا أن يصدقهم الإمام الحسين، ثم إنه ليس أمام الحسين أي خيار آخر فإلى أين عساه أن يلجأ، وممن سيطلب الحماية والمنعة، والأهم أن ثمانية عشر ألفا من أهل الكوفة قد بايعوه فإن كانوا صادقين بالفعل، فإن قائدا مثل الإمام الحسين له القدرة على أن يفتح بهم العالم كله!!.
وفكرة المؤامرة بإرسال الرسل والكتب، وفكرة الإختراق الأموي لعملية إرسال الرسل والكتب، لم تكن ببال عاقل!!.