يهزم جيش الفرعون وأن يغير موازين القوى وحركة التاريخ، وهذا ما يؤكد لنا بأن أقوال الطرماح ليست أكثر من تصورات شاعر، وما كان ينبغي للإمام الحسين أو لأي عاقل مقامه أن يترك ما بينه وبين القوم ويتبع تلك التصورات النظرية دون أن يعرف عاقبة أو مآل ما تم عليه الاتفاق بينه وبين أهل الكوفة! ومع هذا فإن الإمام الحسين لم يتجاهل هذه الناحية بل كانت محور حجته، فقد خطب الإمام بجيش الخليفة الذي كان يقوده الحر قائلا: " إنها معذرة إلى الله وإلى من حضر من المسلمين إني لم أقدم على هذا البلد حتى أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم أن أقدم إلينا فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم ومن مواثيقكم دخلت معكم إلى مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين لقدومي انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه عليكم " (1) ومثل قول الإمام الحسين مخاطبا بعض القتلة... فإنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد، أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا، وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم، وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم " (2).
ومن الواضح أيضا أن الإمام الحسين قد قال لعمر بن سعد بن أبي وقاص قائد جيش الفرعون نفس الذي قاله للحر وجيشه، بدليل أن عمر بن سعد بن أبي وقاص قد كتب إلى عبيد الله بن زياد ما نصه: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد:
فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عما أمامه، وماذا يطلب ويسأل؟ فقال: " كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذ كرهوني، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم، فأنا منصرف عنهم ".
فلما قرأ الكتاب على ابن زياد قال: