كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٧٨
يهزم جيش الفرعون وأن يغير موازين القوى وحركة التاريخ، وهذا ما يؤكد لنا بأن أقوال الطرماح ليست أكثر من تصورات شاعر، وما كان ينبغي للإمام الحسين أو لأي عاقل مقامه أن يترك ما بينه وبين القوم ويتبع تلك التصورات النظرية دون أن يعرف عاقبة أو مآل ما تم عليه الاتفاق بينه وبين أهل الكوفة! ومع هذا فإن الإمام الحسين لم يتجاهل هذه الناحية بل كانت محور حجته، فقد خطب الإمام بجيش الخليفة الذي كان يقوده الحر قائلا: " إنها معذرة إلى الله وإلى من حضر من المسلمين إني لم أقدم على هذا البلد حتى أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم أن أقدم إلينا فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم ومن مواثيقكم دخلت معكم إلى مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين لقدومي انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه عليكم " (1) ومثل قول الإمام الحسين مخاطبا بعض القتلة... فإنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد، أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا، وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم، وقدمت به على رسلكم انصرفت عنكم " (2).
ومن الواضح أيضا أن الإمام الحسين قد قال لعمر بن سعد بن أبي وقاص قائد جيش الفرعون نفس الذي قاله للحر وجيشه، بدليل أن عمر بن سعد بن أبي وقاص قد كتب إلى عبيد الله بن زياد ما نصه: " بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد:
فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عما أمامه، وماذا يطلب ويسأل؟ فقال: " كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذ كرهوني، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم، فأنا منصرف عنهم ".
فلما قرأ الكتاب على ابن زياد قال:

(١) راجع الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٥ ص ٨٥، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ٢٣١ والإرشاد للمفيد ص ٢٢٤، وانظر النص في الطبعة المحققة من تاريخ الطبري ج ٥ ص ٤٠٦ ط. دار المعارف - مصر. وانظر: مقتل الحسين للمقرم، ص ١٨٧.
(٢) راجع الإرشاد للمفيد ص ٢٢٤، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٥٢، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٩٦، وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٧٧، ووقعة الطف ص 170 والموسوعة 350.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327