كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٧٣
إذا فإن اختيار الإمام الحسين للكوفة كان اختيارا معقولا في مثل ظروف الحسين، وخياراته المحدودة.
الحسين وتصديق أهل الكوفة:
لقد رأينا من كتاب مسلم بن عقيل أن ثمانية عشر ألفا من أهل الكوفة قد بايعوه، ومسلم بن عقيل صادق في ما قال: وهذا يعادل 181 ضعفا للعدد الذي بايع الرسول في العقبة، وبناء على تلك البيعة هاجر الرسول من مكة إلى المدينة، لقد تعهد الذين بايعوا رسول الله في العقبة حماية الرسول وأهله كما يحمون إزرهم، فلم يطلب رسول الله غير ذلك، ولم يطلب ضمانات، لأن فكرة طلب الضمانات في مثل هذه الحالات غير معقولة، ثم ما نوع تلك الضمانات، قد يقال: إن أهل المدينة ليسوا كأهل العراق، أو كأهل الكوفة. لكن هذا القول ليس علميا، فقد شرع الخلفاء بإحراق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه وفيه الحسن والحسين طفلان، وعلي وفاطمة، أمام سمع أهل المدينة وبصرهم كما وثقنا، ولم يرو لنا مؤرخ قط بأن أحدا من أهل المدينة استنكر ذلك، أو نهى عنه بل كان أهل المدينة يتفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم، مع أنهم بايعوا رسول الله على أن يحمونه ويحمون أهل بيته كما يحمون أنفسهم وذراريهم، فتصديق الحسين لأهل الكوفة وتعامله مع ظاهر الأمور هو المتفق مع المنطق والمعقول والمنقول.
الحسين وحمل أطفاله وأهل بيته:
قال أبو الفرج الأصفهاني: " بعد خروج الحسين أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة، أن يهدم دور بني هاشم، وبلغ منهم كل مبلغ " (1) لقد وصلنا هذا الخبر المختصر، بالرغم من سيطرة دولة الخلافة على وسائل الإعلام وكتابة التاريخ، وحرصها على أن لا يسمع الناس إلا بما تعتز به، ولا يظهر عن جرائمها أي دليل. وعملية هدم دور بني هاشم، والبلوغ منهم كل مبلغ عمل خطير جدا ومن غير المعقول أن يتولى أمير المدينة القيام به على

(1) راجع الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ج 4 ص 155.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327