إذا فإن اختيار الإمام الحسين للكوفة كان اختيارا معقولا في مثل ظروف الحسين، وخياراته المحدودة.
الحسين وتصديق أهل الكوفة:
لقد رأينا من كتاب مسلم بن عقيل أن ثمانية عشر ألفا من أهل الكوفة قد بايعوه، ومسلم بن عقيل صادق في ما قال: وهذا يعادل 181 ضعفا للعدد الذي بايع الرسول في العقبة، وبناء على تلك البيعة هاجر الرسول من مكة إلى المدينة، لقد تعهد الذين بايعوا رسول الله في العقبة حماية الرسول وأهله كما يحمون إزرهم، فلم يطلب رسول الله غير ذلك، ولم يطلب ضمانات، لأن فكرة طلب الضمانات في مثل هذه الحالات غير معقولة، ثم ما نوع تلك الضمانات، قد يقال: إن أهل المدينة ليسوا كأهل العراق، أو كأهل الكوفة. لكن هذا القول ليس علميا، فقد شرع الخلفاء بإحراق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه وفيه الحسن والحسين طفلان، وعلي وفاطمة، أمام سمع أهل المدينة وبصرهم كما وثقنا، ولم يرو لنا مؤرخ قط بأن أحدا من أهل المدينة استنكر ذلك، أو نهى عنه بل كان أهل المدينة يتفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم، مع أنهم بايعوا رسول الله على أن يحمونه ويحمون أهل بيته كما يحمون أنفسهم وذراريهم، فتصديق الحسين لأهل الكوفة وتعامله مع ظاهر الأمور هو المتفق مع المنطق والمعقول والمنقول.
الحسين وحمل أطفاله وأهل بيته:
قال أبو الفرج الأصفهاني: " بعد خروج الحسين أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة، أن يهدم دور بني هاشم، وبلغ منهم كل مبلغ " (1) لقد وصلنا هذا الخبر المختصر، بالرغم من سيطرة دولة الخلافة على وسائل الإعلام وكتابة التاريخ، وحرصها على أن لا يسمع الناس إلا بما تعتز به، ولا يظهر عن جرائمها أي دليل. وعملية هدم دور بني هاشم، والبلوغ منهم كل مبلغ عمل خطير جدا ومن غير المعقول أن يتولى أمير المدينة القيام به على