لعباده، فقد أمر الله تعالى نبيه أن يعلن للناس، أن نظام الثقلين مستمر إلى يوم الدين، فخلال حياة النبوة يشكل القرآن ثقلا ويشكل النبي الثقل الآخر، وبعد موت النبي يبقى القرآن هو الثقل الأكبر، ويكلف أهل بيت النبوة بأن يكونوا الثقل الأصغر القائم مقام النبي، بالولاية والقيادة والمرجعية إلى يوم الدين، وقد بين الرسول أن الله تعالى هو الذي اختار الثقلين وحددهما، وما رسول الله إلا عبد يؤمر فيطيع، ويوحى إليه فيتبع، وأنه سبحانه وتعالى كما أهل النبي وأعده، أهل أهل بيت النبوة وأعدهم، فهم الأمناء على سنة الرسول بفروعها الثلاثة، وهم الذين يعرفون النص الشرعي في كل مسألة من المسائل معرفة قائمة على الجزم واليقين، وهم الأعلم والأفهم والأصلح في كل زمان، وحديث الثقلين من أصح الآثار وقد وثقناه في الفصول السابقة، ويبدو واضحا بالضرورة أن المقصود بأهل بيت النبوة كثقل هو عميدهم وإمامهم المؤهل إلهيا بدليل قول الرسول لعلي: أنت الولي من بعدي، وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم (1).
والخلاصة: إن النبي الكريم قد أكد بأن الشرعية الإلهية لا تتحقق في حياته إلا بالتمسك بالثقلين: القرآن والنبي معا، وبعد حياته لن تتحقق إلا بالتمسك بالثقلين، بالقرآن وبأهل بيت النبوة، وجزم بأن الهدى لا يدرك إلا بالاثنين معا، والضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالاثنين معا فمن تمسك بالقرآن، وترك أهل بيت النبوة، أو ادعى أنه متمسك بأهل بيت النبوة وترك القرآن، أو تمسك بالقرآن ورفض ولاية وقيادة أهل بيت النبوة وفضل عليها ولاية أو قيادة أخرى فهو خارج من إطار الشرعية الإلهية. والنصوص الشرعية التي وصلت إلينا بالرغم من محلات التبديل والتعديل والتحريف والتجهيل كافية للجزم بالإحكام الشرعي لهذه الناحية، وأبرز النصوص: آية التطهير، وآية المودة في القربى، وآية المباهلة، والأمر بالصلاة على النبي بالصيغة التي بينها النبي، بالإضافة إلى حديث الثقلين الذي لا يختلف عليه وبه عاقلان مسلمان.