كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨٨
لعباده، فقد أمر الله تعالى نبيه أن يعلن للناس، أن نظام الثقلين مستمر إلى يوم الدين، فخلال حياة النبوة يشكل القرآن ثقلا ويشكل النبي الثقل الآخر، وبعد موت النبي يبقى القرآن هو الثقل الأكبر، ويكلف أهل بيت النبوة بأن يكونوا الثقل الأصغر القائم مقام النبي، بالولاية والقيادة والمرجعية إلى يوم الدين، وقد بين الرسول أن الله تعالى هو الذي اختار الثقلين وحددهما، وما رسول الله إلا عبد يؤمر فيطيع، ويوحى إليه فيتبع، وأنه سبحانه وتعالى كما أهل النبي وأعده، أهل أهل بيت النبوة وأعدهم، فهم الأمناء على سنة الرسول بفروعها الثلاثة، وهم الذين يعرفون النص الشرعي في كل مسألة من المسائل معرفة قائمة على الجزم واليقين، وهم الأعلم والأفهم والأصلح في كل زمان، وحديث الثقلين من أصح الآثار وقد وثقناه في الفصول السابقة، ويبدو واضحا بالضرورة أن المقصود بأهل بيت النبوة كثقل هو عميدهم وإمامهم المؤهل إلهيا بدليل قول الرسول لعلي: أنت الولي من بعدي، وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم (1).
والخلاصة: إن النبي الكريم قد أكد بأن الشرعية الإلهية لا تتحقق في حياته إلا بالتمسك بالثقلين: القرآن والنبي معا، وبعد حياته لن تتحقق إلا بالتمسك بالثقلين، بالقرآن وبأهل بيت النبوة، وجزم بأن الهدى لا يدرك إلا بالاثنين معا، والضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالاثنين معا فمن تمسك بالقرآن، وترك أهل بيت النبوة، أو ادعى أنه متمسك بأهل بيت النبوة وترك القرآن، أو تمسك بالقرآن ورفض ولاية وقيادة أهل بيت النبوة وفضل عليها ولاية أو قيادة أخرى فهو خارج من إطار الشرعية الإلهية. والنصوص الشرعية التي وصلت إلينا بالرغم من محلات التبديل والتعديل والتحريف والتجهيل كافية للجزم بالإحكام الشرعي لهذه الناحية، وأبرز النصوص: آية التطهير، وآية المودة في القربى، وآية المباهلة، والأمر بالصلاة على النبي بالصيغة التي بينها النبي، بالإضافة إلى حديث الثقلين الذي لا يختلف عليه وبه عاقلان مسلمان.

(1) راجع كتابنا الوجيز في الإمامة والولاية تجد فيه تغطية كاملة لهذا الموضوع.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327