كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٦٤
وباختصار لقد نالت الأمة من الحسين وأهل بيت النبوة ونالوا منها، وما أشبه هذا القول بقول الإمام علي: " فويل لهم منكم، وويل لكم منهم " (1).
لقد قامت الحجة على الأمة بالفعل، ولم تنصر الإمام الحسين وأهل بيت النبوة إنما خذلتهم مع سبق الإصرار وبعد قيام الحجة، واكتشف الإمام الحسين أن أفراد أمة جده والأكثرية الساحقة جدا منهم كاره للموت وقيمه بالحياة حتى أنهم ليكادون أن يموتوا من الرعب حذر الموت، لذلك صمم وبكل قواه أن يكسر حاجز الخوف، وأن يعطي الأمة دروسا من الموت وعن الموت ليشفيها من مرضها القاتل " الرعب من الموت " فسار الإمام الحسين أمام أفراد الأمة كلها في رحلة الموت، ثم خاض بحار الموت شرقا ومغربا على حد تعبيره وطارد الموت مطاردة ساخنة حثيثة، وكلما مر منه الموت لاحقه، حتى ليخال الناظر - وهو مصيب - بأن الآية قد انقلبت، وأن الموت صار يخشى الإمام وأهل بيته ومن والاهم بدلا من أن يخشونه، وبدلا الإمام رحلة الموت ومطاردة الموت أمام الأمة، وبخطوات واثقة متزنة كأنها بالتصوير الفني البطئ ليحررههم من عقدة الخوف من الموت، فالإمام مصر إصرار بالغا على أن يكشف حقيقة نظام يزيد للعالم، فهو بالظاهر والادعاء خليفة رسول الله، وفي الحقيقة والممارسة هو الفرعون وجنوده، وكما أن الإمام مصر على إقامة الحجة على الأمة، هو مصر أيضا على تحريرها من عقدة الخوف، ومصر على إجبارها على معرفة الواقع، ومقارنته بالشرعية الإلهية لتعرف البون الشاسع بين النقيضين، لقد توصل الإمام الحسين إلى نتيجة مفادها أن أهل المدينة لن ينصروه، ولن يحموه، بل سيسلمونه للفرعون وجنوده، وأن الأمة ستخذله لذلك كله قرر أن يكشف هذا الغيب للأمة، وأن يترجمه إلى وقائع، وأن يبدأ رحلة الموت والشهادة بمغادرة المدينة وترك جوار جده كارها.
إلى أين يا ابن رسول الله!!!:
فأقاليم دولة الخلافة المترامية الأطراف هي عبارة عن ضيعات كبيرة يملكها

(1) أوردنا النص كاملا ووثقناه وبينا معناه في الفصول السابقة.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327