كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٦٩
هو تمثله بما تمثل به موسى عند خروجه من المدينة إذ تلا قوله تعالى: * (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين) * [القصص / 21] (1) فالقوم الظالمون الذين عناهم موسى هم فرعون وجنوده ومن أطاعهم، والقوم الظالمون الذين عناهم الإمام الحسين هم الخليفة وجنوده ومن أطاعهم، وهذا معلوم بالضرورة، وكلاهما كان مطاردا، وكلاهما يريد النجاة وكلاهما يمثل الشرعية الإلهية، في مجتمعين أدارا ظهرهما بالكامل لهذه الشرعية. فعندما خرج موسى فرارا بدينه وبحياته لم يكن يعلم أين سيتجه، فهو طالب للمأوى والمأمن، والمنعة من فرعون وجنوده، أينما وجد المأوى، وأينما وجد المنعة، كذلك فإني أجزم بأن الحسين لم يكن يعلم إلى أين سيتجه ولا بأي جهة سيجد المأوى والأمن والمنعة له ولأهل البيت ومن معهم!! بدليل قول الإمام الحسين لابن مطيع: " أما في وقتي هذا أريد مكة، فإذا صرت إليها استخرت الله في أمري بعد ذلك " (2).
وقد أكمل الإمام الحسين رسم الصورة كاملة فلما وصل إلى مكة، أخذ يتلو قوله تعالى: * (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) * [القصص / 22] (3) فالحسين موقن أن مكة له بمثابة مدين بالنسبة لموسى، وكما أدرك موسى الهدى الرباني، فإن الله سيهدي حسينا إلى الجهة التي ينبغي المسير إليها، فأقام في مكة باقي شعبان، ورمضان، وشوال وذي القعدة خلال هذه المدة هداه ربه إلى السبيل الواجب اتباعه، والجهة التي ينبغي الذهاب إليها.

(١) راجع وقعة الطف ص ٨٥، والإرشاد للمفيد ص ٢٠٢، وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٧٢ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٣١، والعوالم ج ١٧ ص ١٨١، وينابيع المودة ص ٤٠٢، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٨٨.
(٢) راجع الفتوح لابن أعثم الكوفي ج ٥ ص ٢٥، ومقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص ١٨٩، وأنساب الأشراف ج ٣ ص ١٥٥.
(٣) راجع الإرشاد للمفيد ص ٢٠٢ وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٣٢، والعوالم ج ١٧ ص ١٨١، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٣١ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٧٢ والفتوح لابن أعثم ج ٥ ص ٢٥، وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٨٨، ووقعة الطف ص 86.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327