فرختك، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم خذلوني، وضيعوني، وأنهم لم يحفظوني وهذه شكواي إليك حتى ألقاك " (1).
فقبل أن يخرج الإمام الحسين من المدينة كان يعلم علم اليقين أن الأمة ستخذله، وستضيعه، ولن تحفظه، وستتفرج على الفرعون وجنوده وهم يطاردون آل محمد وأهل بيته وذوي قرباه، وستشترك بالمطاردة ولكن الإمام يريد أن يقيم الحجة عمليا عليها، يريدها أن تكتشف ذات يوم بأنه قد ضحى بروحه الطاهرة، وبأرواح آل البيت وأهل البيت وذوي القربى ليخرج من هذه المذبحة دوي هائل، يجبر الأمة على الصحوة من نومها. أراد الإمام الحسين أن يكون دمه ودم أهل البيت زيتا يضئ الدرب أمام الأمة ذات يوم عندما تكتشف كم فرطت في جنب الله يوم خذلت الإمام وأهل بيته.
ونجح الإمام الحسين بالفعل بإقامة الحجة على الأمة، فاتبعه أقل من مائة رجل، وخذلته البقية الباقية منها مع سبق الترصد والإصرار.
لقد جرت العادة على أن يقاتل أبناء الأمم والشعوب الأقل أهمية أمام السادات الأكثرية أهمية، دفاعا عنهم وعن قيم وشرف تلك الشعوب والأمم التي يمثلها أولئك السادات.
وجاء الإمام الحسين، وكان من المفترض أن يتقدم أبناء الأمة ويقاتلوا بين يديه دفاعا عن ابن النبي، وآل النبي، وأهل بيت النبي وذوي قرباه، كان المفترض أن يموت الآلاف المؤلفة من أبناء الأمة قبل أن يضطروا الإمام الحسين وأهل بيته للقتال، لكن أبناء الأمة لم يفعلوا ذلك، فقد أجبروا الإمام وأهل بيته على القتال بين يدي الأمة دفاعا عن الإسلام ورموزه الخالدة وطالما أن أبناء الأمة لم يقاتلوا بين يدي الإمام الحسين وأهل بيت النبوة رموز الإسلام الخالدة، ليتهم لم يقاتلوهم على الأقل، ليتهم وقفوا يتفرجون، لكان ذلك أقل عارا وأخف غبارا.