كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٦٣
فرختك، وسبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم خذلوني، وضيعوني، وأنهم لم يحفظوني وهذه شكواي إليك حتى ألقاك " (1).
فقبل أن يخرج الإمام الحسين من المدينة كان يعلم علم اليقين أن الأمة ستخذله، وستضيعه، ولن تحفظه، وستتفرج على الفرعون وجنوده وهم يطاردون آل محمد وأهل بيته وذوي قرباه، وستشترك بالمطاردة ولكن الإمام يريد أن يقيم الحجة عمليا عليها، يريدها أن تكتشف ذات يوم بأنه قد ضحى بروحه الطاهرة، وبأرواح آل البيت وأهل البيت وذوي القربى ليخرج من هذه المذبحة دوي هائل، يجبر الأمة على الصحوة من نومها. أراد الإمام الحسين أن يكون دمه ودم أهل البيت زيتا يضئ الدرب أمام الأمة ذات يوم عندما تكتشف كم فرطت في جنب الله يوم خذلت الإمام وأهل بيته.
ونجح الإمام الحسين بالفعل بإقامة الحجة على الأمة، فاتبعه أقل من مائة رجل، وخذلته البقية الباقية منها مع سبق الترصد والإصرار.
لقد جرت العادة على أن يقاتل أبناء الأمم والشعوب الأقل أهمية أمام السادات الأكثرية أهمية، دفاعا عنهم وعن قيم وشرف تلك الشعوب والأمم التي يمثلها أولئك السادات.
وجاء الإمام الحسين، وكان من المفترض أن يتقدم أبناء الأمة ويقاتلوا بين يديه دفاعا عن ابن النبي، وآل النبي، وأهل بيت النبي وذوي قرباه، كان المفترض أن يموت الآلاف المؤلفة من أبناء الأمة قبل أن يضطروا الإمام الحسين وأهل بيته للقتال، لكن أبناء الأمة لم يفعلوا ذلك، فقد أجبروا الإمام وأهل بيته على القتال بين يدي الأمة دفاعا عن الإسلام ورموزه الخالدة وطالما أن أبناء الأمة لم يقاتلوا بين يدي الإمام الحسين وأهل بيت النبوة رموز الإسلام الخالدة، ليتهم لم يقاتلوهم على الأقل، ليتهم وقفوا يتفرجون، لكان ذلك أقل عارا وأخف غبارا.

(1) راجع كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي ج 5 ص 19 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 186 والعوالم ج 17 ص 177 والموسوعة ص 286.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327