كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٥٧
بأيديهم بالوقت الذي تكون فيه عيونهم تسيل دما حزنا على الحسين، وقلوبهم تنفطر أسى جزعا لما فعلوا بالحسين، لقد خالف الله ما في صدورهم عما في ألسنتهم!! لقد جعل الله باطنهم شيئا، وظاهرهم شيئا آخر، وهذا أحدث فن من فنون العذاب ومسخ إنسانية الإنسان وأقصى ما فعله الأنصار للإمام الحسين أن خرج معه خمسة منهم، رافقوه بكل المراحل، ولم يتخلوا عنه، وقاتلوا برجولة نادرة بين يديه حتى قتلوا (1)، وعذر أنصار المدينة أنهم ضاعوا وسط الأكثرية التي كانت على الشرك ثم أسلمت وصارت أكثرية مسلمة، واستولت على الخلافة بالقوة، فصار حاكم الأنصار هو عدوها الذي حاربته بالأمس تحت قيادة الرسول وآله، فكانت عيون الأكثرية الحاكمة مفتوحة على كل حركة وسكنة للأنصار، وكان الأنصار بنظر الأكثرية الحاكمة موضع شبهة بموالاة آل محمد الذين قادوا الحرب ضد تلك الأكثرية عندما كانت على الشرك، وكان على الأنصار وأولادهم إذا ما أرادوا الحياة أن يثبتوا لبطون قريش ال‍ 23 أنهم ليسوا مع آل محمد!!!
فضلا عن ذلك فإن الأنصار صاروا قلة قليلة جدا وسط الكثرة التي كانت مشركة ثم أسلمت، ووسط الكثرة الوافدة من البلاد المفتوحة، وبالتالي قلت أهمية الأنصار، وتضاءلت فاعليتهم. لكل هذه الأسباب اضطر الإمام الحسين ليخرج من المدينة كارها!!.
أهداف الإمام المرحلية:
وفق التحليلات الدقيقة للإمام الحسين، - والتي أشرنا إليها قبل قليل - رأى أن مبايعته ليزيد بن معاوية جريمة كبرى وبكل المعايير الدينية والتاريخية والمنطقية، لذلك امتنع عن بيعة يزيد بن معاوية، وأعلن هذا الامتناع بكل وسائل الإعلان. الامتناع عن البيعة في عرف الخلفاء وأركان دولتهم، يعتبر خروجا على طاعة الخليفة الغالب، وعدم القبول بخلافته، ووفق قوانين دولة الخلافة السائدة

(١) راجع المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٠٤ والخوارزمي ج ٢ ص ٢١ وتاريخ الطبري ج ٥ ص ٤٢٣ وبحار الأنوار ج ٤ ص ٢٨ وتاريخ الطبري ج ٤ ص ٤١٣ وقد وثقناها تحت عنوان " جماعات وأفراد الفئة الأولى ".
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327