سلام عليه يوم قال فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام: " رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار ".
ودار الحق معه حيث دار، وما عاداه في حياته وبعد موته إلا البغاة، وفرسان الضلال، وعبيد الشهوات، وأهل البدع والشح والأهواء.
سلام عليه يوم قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام: " من اتخذ عليا إماما لدينه، فقد استمسك بالعروة الوثقى ".
وعبر أجيال متطاولة تعاورت فيها الأحداث والمآسي العظام، والهزائم التي تقصم الظهر وتكسر القلب، والانتصارات التي تثير الكبرياء في النفس.. عبر تلك الأزمان اتخذه المتقون إماما.. فقد كان دعاؤه مع عباد الله الصالحين: " واجعلنا للمتقين إماما ".
واتخذه المساكين إماما.. واتخذه الفتيان والنساك والزهاد والعلماء والمجاهدون والشجعان إماما. سلام عليه، عليه السلام.
قبض الشهيد الرائع البطولة، الأسطوري، المثالي، واستقر في ضمير الزمن، إنه كلما نطق أحد باسم أمير المؤمنين فحسب فهو الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، على الرغم من كثرة الخلفاء في كل عصور الإسلام، فكل خليفة بعد أبي بكر هو أمير المؤمنين.. ذلك أن عليا اجتمع له من عناصر القدوة وشرفها، واجتمع فيه من مقومات القيادة ونبالتها وشرفها ما لم يجتمع قط لحاكم.
وهكذا كان فريدا حقا عالما وحاكما.
فسلام عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيا.
وسلام عليه إذ توارى جسده في التراب، وبقيت كلماته منارات إشعاع ومنابع حكمة، ومثار عزائم، وعدة للمتقين والمساكين، بعد كتاب الله والأحاديث