جانب آل البيت، وقليل ما هم، غير أن المسلمين لم يكونوا على دين ملوكهم في بغض العترة الطاهرة، وإنما كانوا، والحمد لله، على دين نبيهم في حب آل البيت وتقديسهم، حتى الذين قاتلوا الإمام الحسين في كربلاء، كانت قلوبهم معه وسيوفهم عليه، بل حتى الولاة والموظفون عند الخليفة كانوا يؤمنون في قرارة أنفسهم بحق أبناء الزهراء البتول ويتشيعون لهم، ومن أمثلة ذلك أن الطاهرين في خراسان كانوا يحكمون باسم الخليفة المأمون وقلوبهم مع آل البيت ومنها أن الخليفة المتوكل كان قد كلف (ابن السكيت) بتأديب ولده المعتز بالله وكان ابن السكيت يكتم تشيعه لان المتوكل معروف باغراقه في العداوة للإمام علي وأولاده، وفي ذات يوم قال له المتوكل: أيهما أحب إليك، ابناي هذان (المعتز والمؤيد) أم الحسن والحسين فلم يتمالك ابن السكيت نفسه ان قال له (والله ابن قنبر خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك، فامر المتوكل ان يخرجوا لسانه من قفاه، ففعلوا ومات.
وكان أئمة المذاهب الأربعة من أكثر الناس حبا لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد اشتهر الإمام أبو حنيفة النعمان بحب آل البيت وبذل الأموال الطائلة لهم، حتى نقل أنه بعث إلى بعض المستترين منه اثني عشر ألف درهم دفعة واحدة، وكان يأمر أصحابه برعاية أحوالهم واقتضاء آثارهم والاقتداء بأنوارهم وكان الامام مالك من محبي آل البيت، وقيل إنه أفتى بخلع المنصور لان القوم بايعوه كرها ولا بيعة لمكرة (1) هذا وقد كان الامامان أبو حنيفة ومالك من تلامذة الإمام جعفر الصادق، فيما يرى الكثيرون من أمثال ابن حجر الهيثمي في الصواعق وأبو نعيم في حلية الأولياء، وابن الصباغ في الفصول، والشبلنجي في