والتي اصطفاها الله تعالى من بين خلقه، واصطنعها على عينه، فبلغت أوج الكمال في الروح والجسد، وفي السر والعلن، وذلك لأنها بضعة أشرف الخلق، وأكرم الأنبياء الذي يقول متحدثا بنعمة الله عليه، واحسانه إليه فيما رواه مسلم في صحيحه والترمذي في الجامع الصحيح عن واثلة بن الأسقع، (ان الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)، ثم لان مقام أهل البيت من مقام الرسول صلى الله عليه وسلم فهم في كل عصر وزمان خير الناس وخيرهم بيوتا، لان الله اختار نبيه من خير البيوت وأشرفها، هذا فضلا عن أن حكمة الله في خلقه، ورحمته بعباده، اقتضت ان تستمر باهل البيت ذرية سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين، تشع بضيائها على العالمين وترشد بهدايتها الضالين، ومن ثم فان التاريخ لم يعرف أهل بيت أحبهم الناس من قوميات ومذاهب شتى كال البيت، أحبوهم احياء وأموات، فألف العلماء الكتب في منزلتهم عند الله والناس، ونظم الشعراء الدواوين والقصائد في مديحهم، وردد الخطباء فضائلهم على المنابر وفي المحافل، وما ومن مسلم في شرق الأرض أو غربها يصلي لله، الا وبذكر رسول الله وآله بالصلاة والتسليم ناهيك بهذه الأسماء الشائعة بين الناس: محمد وعلى وفاطمة وحسن وحسين فإن الباعث على التسمية بها لم يكن الا للتبرك والتيمن بأسماء آل البيت الكرام، الذين أحبهم الناس من كل جنس ولون، ومن كل الطبقات، في كل زمان ومكان (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم).
وقد روى الترمذي والحاكم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)، وروى الإمام أحمد والترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين وقال (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)، واخرج الديلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وعلى قراءة القرآن) واخرج ابن عدي والديلمي عن علي النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أثبتكم على الصراط، أشدكم حبا لأهل بيتي وأصحابي، وفي نفس الوقت