أزوجك فاطمة، واني زوجتكما على أربعمائة مثقال فضة، فقال علي: رضيت يا رسول الله، ثم إن عليا خر ساجدا شكرا الله، فلما رفع رأسه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
((بارك الله لكما وعليكما، وأسعد جدكما، واخرج منكما الكثير الطيب)، قال انس (ووالله لقد اخرج منهما الكثير الطيب، وروى الطبراني والخطيب عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لم يبعث الله نبيا قط، الا جعل ذريته من صلبه غيري فان الله جعل ذريتي من صلب علي رضي الله عنه) وارجع الأقوال ان هذا الزواج كان بعد الهجرة وقيل غزوة بدر، كان في رمضان (وربما في محرم أو صفر أو رجب) من السنة الثانية للهجرة، ومضى على هذا القران شهور ثلاثة، حتى إذ كانوا ذو الحجة من السنة نفسها، دخل علي بها وكان جهاز فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سريرا من الخوص مشدودا بالحبال ووسادتين حشوهما ليف، وبساط صوف، وجلد كبش يقلب على صوفه فيصير فراشا، واناء به سمن جاف يطبخ به، وقرية للماء، وجرة وكوزا، ورملا مبسوطا ورحاء أو رحاءين، وخفت بعض نساء الأنصار الثريات فأهدين الزهراء ردائين جميلين للزفاف، وبعض حقاق من الطيب والعطور، واقرضنها بعض الحلي.
ويروي ابن شهاب الزهري في المغازي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: اني زوجت ابنتي ابن عمي، وانا أحب ان يكون من سنة أمتي اطعام الطعام عند النكاح، فات الغنم، فخذ شاة وأربعة امداد أو خمسة فاجعل لي قصعة لعلي أجمع المهاجرين والأنصار، وفي رواية أخرى ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا علي، انه لا بد للعروس من وليمة) فقال أحد أغنياء الأنصار: عندي كبش، فأعده صاحبه، ودعا علي رهطا من المهاجرين والأنصار واحضروا الطيب والزبيب والتمر فطعموا، ويروي الأستاذ أبو علم أنه في ليلة الزفاف هذه، اتى الرسول صلى الله الله عليه وسلم ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي فاركبها، وامر سلمان ان يقود بها، ومشى صلى الله عليه وسلم خلفها ومعه حمزه وبنو هاشم مشهرين سيوفهم وامر بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار ان يمضين في صحبة فاطمة، وان يفرحن ويرجزن ويكبرن ويحمدن، ولا يقلن مالا يرضي الله ونساء النبي صلى الله عليه وسلم معها، حتى