كانت الأوامر تصدر من بغداد إلى أرجاء الأمبراطورية التي تدين لبني العباس. ومنها مصر. أن (لا يقبل علوي ضيعة. ولا يسافر من الفسطاط إلى طرف من أطرافها. وأن يمنعوا من اتخاذ العبيد إلا العبد الواحد (والرقيق يومذاك قوة العمل) وإن كانت بين العلوي وبين أحد خصومة فلا يقبل قول العلوي. ويقبل قول خصمه بدون بينة)!
وكانوا يسفرون من الأطراف إلى العاصمة ليكونوا تحت الرقابة. بل أمر الرشيد أن يضمن العلويون بعضهم بعضا. وكانوا يعرضون على السلطان كل يوم، فمن غاب عوقب... وكأن " أهل بيت النبي " جالية من العدو أو شرذمة من المشبوهين.
* * * ولقد كان يكفي للحيطة أقل القليل من حاكم يريد أن يطمئن. وإنما كان ذلك الكيد سياسة إبادة مستمرة، يشترك في تنفيذها الخلفاء، والأشياع الظلمة، تدفع الثائرين إلى أن يثوروا، فيؤخذوا بثوراتهم، أو يؤخذ غيرهم بجرائر تنسب إليهم، أما سياسة أهل البيت فواضحة من شعار أبناء على في كلمة مسلم بن عقيل (إنا أهل بيت نكره الغدر) قالها عندما عرض عليه البعض قتل عبيد الله بن زياد في إحدى زياراته. فنجا ابن زياد بهذا الشعار ليقتل مسلما فيما بعد. أما شعار حاشية معاوية فكان (إن لله جنودا من عسل) يقصدون دس السم إلى أعدائهم فيه.
ولقد طالما استعمل الطغاة السم في أهل البيت في القرون التالية. فإن لم يكن سم في خفاء فالقتل جهرة. ومن الروايات أن أئمة أهل البيت - الاثني عشر - ماتوا مسمومين ما عدا أمير المؤمنين عليا وأبا الشهداء الحسين - ماتا شهيدين.
في أيام الخليفة الهادي (سنة 169) كان أهل بيت النبي في المدينة يستعرضون كل يوم! لكل واحد منهم كفيل من نسيب أو قريب. بل ولى عليهم واحد من ذرية عمر بن الخطاب هو عبد العزيز بن عبد الله.
فولى بدوره على أهل البيت رجلا يقال له عيسى الحائك. فحبسهم الحائك في المقصورة. فثارت لأجلهم المدينة إذ ثاروا، وكسرت السجون