والصادق بهذا يسجل للخليفة بره. ويقدر له أولية ذوي الأرحام عنده في البر بهم، ويقرر له حقه في الخلافة.. وليس للمنصور فوق ذلك طلبات.
وبهذا يستل الضغن من صدره، ليدعه في ميدانه الذي يسره الله له.
ومع ذلك يعاد المشهد في بغداد، بعد سنة 145، فيستحضره المنصور لمواجهة جديدة.
يقول له: يا جعفر. ما هذه الأموال التي يجبيها لك المعلى بن خنيس؟
قال الصادق: معاذا الله ما كان من ذلك شئ.
قال المنصور: تحلف على براءتك بالطلاق والعتاق.
قال الصادق: نعم أحلف بالله ما كان من ذلك شئ.
قال المنصور: بل تحلف بالطلاق والعتاق.
قال الصادق: ألا ترضى بيميني: الله الذي لا أله ألا هو!
قال أبو جعفر: لا تتفقه على.
قال الصادق: وأين يذهب الفقه منى؟
قال المنصور: دع عنك هذا فإني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك هذا حتى يواجهك.
فأتوه بالرجل..
قال الصادق: تحلف أيها الرجل أن الذي رفعته صحيح؟ قال: نعم.
ثم بدأ باليمين: قال والله الذي لا إله إلا هو الغالب الحي القيوم.
قال الصادق: لا تعجل في يمينك فإني استحلفك. قال أبو جعفر:
ما أنكرت من هذه اليمين؟
قال الصادق: إن الله تعالى حي كريم إذا أثنى عليه عبده لا يعاجله بالعقوبة. ولكن قل أيها الرجل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته. وألجأ إلى حولي وقوتي. إني لصادق بر فيما أقول.