والحق أن زين العابدين وابنه وحفيده وبنيهم لم يتجهوا إلى أن تكون لهم " دولة ". ومن ذلك قول الكاظم لهشام بن حكم (يا هشام كما تركوا لكم الحكمة اتركوا لهم الدنيا).
ولما خرج زيد بن زين العابدين على هشام كان خروجه ثورة طارئة.
والمنهج الزيدي غير منهج الإمام جعفر. وثورة زيد لم يسبقها إعداد بل استجاب لأهل الكوفة فخذلوه كما خذلوا جده. وإنما الذي فكر ودبر وانفذ الدعاة، وتابع الدعوة، هم بنو العباس.
وإبراهيم الإمام يكتب إلى واحد من دعاته في خراسان (.. وإن استطعت ألا تبقى في خراسان من يتكلم العربية فافعل) وهو تعطش للدم في سبيل السلطة، وسفك لدماء العرب خاصة، لا يقول به واحد من الأئمة.
* * * وكان بنو هاشم قد اجتمعوا قبل ذلك بالأبواء - مكان في أعلى المدينة - والقدور تغلي في خراسان، والجو يزخر بالنذر، فعلى الذين يرسلون الدعاة إلى خراسان، والذين تجرى الدعوة لهم، أن يتدارسوا أمورهم، ليعرفوا لمن تؤول الأمور. فمثل فرع العباس بن عبد المطلب عم النبي إبراهيم الإمام (بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس)، وأخوه أبو جعفر (المنصور). وعمهما صالح بن علي. ومثل فرع بنى علي بن أبي طالب، عبد الله بن الحسن (بن الحسن بن علي) وابناه محمد وإبراهيم. ومحمد بن عبد الله بن.. عثمان ابن عفان (لأن أمه من بنى الحسن بن علي) وهو أخو عبد الله لأمه.
وأجمع الفرعان على " محمد بن عبد الله بن الحسن " الملقب بالنفس الزكية لورعه الكامل وعلمه المشهود به. بل قد تحمس له أبو جعفر، وكان يومئذ يلبس قباء أصفر. ولما حج محمد لقي أبا جعفر فبايعه مرة أخرى. بالمسجد الحرام ذاته. وأمسك أبو جعفر بركابه يومذاك وراح يقول للناس: هذا مهدينا أهل البيت.
وإذ لم يكن لبيت الحسين ممثل في اجتماع يوم الأبواء بعث عبد الله بن