مناهج للدنيا. ومعلم للإصلاح والتشريع والسياسة والاقتصاد. وهي الوسائل المحركة للتقدم في جميع الأمم.
فلا عجب أن كانت دعوات الإصلاح، ودعاءات الرجاء في كل العصور، تتلمس في علمه المدون، وسيرته التي يمجدها المسلمون، ذكريات فضائل تمشى على الأرض، وتطبيقات مفلحة، لتعاليم كفيلة بإقامة حكم صالح يرد الحكام إلى الدين. ويعيد الدين غضا في أنفس الناس كما كان في أفئدة السلف الصالح.
ويتراءى مصداق هذه الحقيقة " للقانون الطبيعي " للإسلام، أو للطبيعة الدينية للمجتمع المسلم، في قيام الدولة العباسية بدعوى " تصحيح التاريخ " وبشعار " الدعوة إلى الرضا من آل محمد ". فلما أجهضت هذه الدولة مبادئها بخعت نفسها. فصارت ملكا عضودا خيراته للملوك.
فلم يك معدى عن إعادة التصحيح بالعودة إلى رسالة النبي وتعاليمه وآله.
وإنما انحرفت الدولة الإسلامية في تجاربها التي أقامتها الدول الأموية والمروانية والعباسية لغصبها حقوق أهل البيت، ونصبها العداء لهم، في موجة انصراف الحكام، عن مصالح الأمة وشريعتها، إلى شهواتهم. فتصحيح التاريخ يبدأ بإقرار حق على وأبناء النبي والعمل بالشريعة.
والتاريخ خاضع لقانون الطبيعة أو قانون الحركة (لكل فعل رد فعل. مساو له في المقدار. ومضاد له في الاتجاه).
والحقائق الكبرى في التاريخ، كالظواهر العظمى في الطبيعة، لا تخفى. والذي يخفى الحرارة أو البرودة لا يبغته الغليان أو التجمد، أو رعدة الحمى أو رعشة البرد. والذي يخفى الضغط الجوى لا يأخذه الانفجار أخذ الفجاءة.
" وعمر بن عبد العزيز " " والمأمون " هما الانفجاران المحتومان في دولتي بنى مروان وبنى العباس. لأنهما الممثلان الصادقان للضمير الإسلامي، في الدولة أو الجماعة أو الأفراد، أو في العلم أو الحكم أو العدل أو الجهاد، على رأس المائة الأولى ورأس المائة الثانية.
* * *