ومن قبل الإمام الباقر وجدت عند الإمام زين العابدين الصحيفة المسماة الصحيفة الكاملة. وعن زين العابدين آلت إلى الشيعة رسائل عدة منها رسالة الحقوق. ورسالة إلى ابن شهاب الزهري (1).
وكذلك ألف عمرو بن أبي المقدام جامعا في الفقه يرويه عن الإمام زين العابدين.
فلما صارت الإمامة للصادق حض على تدوين العلم أيا كان موضوعه، دينيا أو دنيويا، فقه عبادات أو معاملات أو علوما تطبيقية. وكان يقول (القلب يتكل على الكتابة) وكان يملي على تلاميذه. ويجيئهم بالدواة والقرطاس. ويقول " اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا ".
ويلتمس سفيان الثوري إليه أن يحدثه بحديث خطبة الرسول بمسجد الخيف. ويرجوه ليأمر له بقرطاس ودواة ليثبته، فيأمر له، ثم يمليه (بسم الله الرحمن الرحيم. خطبة رسول الله في مسجد الخيف. نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها. وبلغها من لم تبلغه. يا أيها الناس: ليبلغ الشاهد منكم الغائب. فرب حامل فقه ليس بفقيه. ورب حامل فقه إلى من هوا أفقه منه).
وكتب عبد الله الحلبي كتابا عرضه على " الصادق " فصححه واستحسنه.
وسنرى حفيده الإمام العسكري يعرض عليه يونس بن عبد الرحمن كتاب (يوم وليلة) فيصححه ويأمر بالعمل به.
ولما غاب " المهدى " في النصف الثاني من القرن الثالث أحوجت " الغيبة " إلى الرجوع للمدونات التي تزخر بها خزائن الشيعة. إذ لم يكن لديهم إمام ظاهر يسألونه. وكثرت الكتابة عندهم في القرن الرابع.
* * * كان أول المستفيدين بالتدوين الباكر أولئك الذين يلوذون بالأئمة من أهل البيت فيتعلمون شفاها أو تحريرا، أي من فم لفم أو بالكتابة.