والوضاعين. فالسبق في التدوين فضيلة الشيعة. ولما أجمع العلماء بعد زمان طويل على الالتجاء إليه كانوا يسلمون بهذه الفضيلة - بالإجماع - لعلي وبنيه.
والسنة شارحة للكتاب العزيز. وهو مكتوب بإملاء صاحب الرسالة.
فهي كمثله حقيقة بالكتابة.
إنما كان المحدثون من أهل السنة في القرون الأولى مضطرين لسماع لفظ الحديث من الأشيخ، أو عرضه عليهم، لأن السنن لم تكن مدونة. فكانت الرحلة إلى أقطار العالم لتلقى الحديث على العلماء وسيلتهم الأكيدة. ولم يغير ذلك النظر انتشار التدوين في نهاية القرن الثاني ومنتصف الثالث، وكثرة الحديث المدون في المسانيد والمجاميع والصحاح التي ألفت بعد تلك الفترة، ومنها مسند أحمد بن حنبل (241) حوى ثلاثين ألفا دون المكرر. اختارها من ثلاثة أرباع مليون جمعها من أفواه العلماء من أقصى الأرض وأدناها، وحدث بها تلاميذه لينقلوها إلى الأجيال التالية.
وكان في أواخر أيامه يستوثق لنفسه فيروي للناس الحديث ويطلب المسند يقرأ فيه.
ثم جاءت أجيال تأخذ الحديث من الصحف الموثوق بصحة صدورها من صاحبها دون أن يرتحل إليه. وهذا ما أطلقوا عليه الوجادة - (لفظ مولد من " وجد " غير مسموع من العرب) يقولون: وجدنا بخط فلان.
وفي القرن الرابع اعتبر ابن يونس الصفدي (347) إماما حافظا للحديث وإن لم يرحل.
* * * قلنا في كتابنا (أحمد بن حنبل إمام أهل السنة) (1) (والبعض من المحدثين لم يكونوا يروون عن الإمام جعفر الصادق لأنه يحدث بما قرأه في الكتب... سئل أبو بكر بن عياش وهو من أول أشياخ أحمد " لماذا لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال سألناه عما يحدث من الأحاديث أشئ