مقدمة:
في هذا الباب محاولة لرسم خطوط تقريبية للبنيان العظيم لفكر الشيعة الجعفرية (الاثنا عشرية أو الإمامية) الذي كان الإمام الصادق في طليعة بناته، والذي يحمل اسمه، وإن شاركت في رفع صرحه مدرسة كاملة من السابقين عليه، والآخذين أخذه، من تلاميذه وتلاميذهم. بدأت بالنبي عليه الصلاة والسلام، مدينة العلم، وعلي بابها. وتتابع فيها الصحابة العظماء، والتابعون وتابعو التابعين. وفي الأجيال الثلاثة الإمام على والحسن والحسين ثم زين العابدين فالباقر فالصادق.
ثم تلمذ للإمام الصادق فريق المخضرمين ممن تعلموا على أبيه أو أبيه وجده، ومن الشباب الذين تعاونت قرائحهم في تفتيق الكلام في العقيدة، وتشقيق المعاني في الفقه، ليصبحوا للذين جاءوا بعدهم، حتى اليوم، علامات على الطريق.
وفي مشيخة هذه المدرسة ورد الفصل الأول.
والفصل الثاني يتناول أمورا أساسية في فكر المدرسة، دون حصر لتفاصيله أو تطرق للاختلاف عليه بينهم وبين أهل السنة، أو بينهم وبين فرقهم، حتى لا نخرج من إطار الصورة التي نحاول رسمها، وتنقيتها مما تبرأ منه الشيعة، وتقع التبعات فيه على الغلاة المطرودين.
وقد خصصنا بالبيان في هذا الفصل مسألتين أصوليتين، لكل منهما أثر في الفقه، سواء أكان فقه معاملات أم فقه عبادات - فبدأنا " بالحديث " وشروط قبوله وثنينا " بالإمامة ". وأضفنا كلمات عن مسائل خلافية بين المذهب الجعفري وبين غيره من المذاهب التي تتقاسم أهل السنة. تخيرناها من شتى مناحي التفكير الفقهي، لتتم أبعاد الصورة للقارئ، ويزداد جانبها الخلفي جلاء: أن الدين واحد عند أهل السنة والشيعة.