والنظافة من الإيمان. فيها الكرامة والسلامة للنفس وللأسرة وللمدينة.
فعلى المرء كما يقول الإمام (إن ينظف ثوبه ويطيب ريحه ويجصص داره ويكنس أفنيته).
وذات يوم رآه " عباد بن كثير البصري " في الطواف فقال له: تلبس هذه الثياب في هذا الموضع وأنت في المكان الذي أنت فيه من على؟ فأجاب كما يروى الإمام نفسه (فقلت: فرقبي - نسبة إلى " فرقب " حيث تصنع ثياب كتان أبيض - اشتريته بدينار. وقد كان على في زمن يستقيم له ما لبس فيه. ولو لبس مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مرائي مثل " عباد "...) قيل له يوما: كان أبوك وكان.. فما لهذه الثياب المروية (حرير مرو) فأجاب: ويلك فمن " حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق "؟
وإنك لترى آثار النعمة على مالك وأبي حنيفة، وإجابات مشتقة بدقة من هذه الإجابات، في ردود الرجلين بشأن ملابسهما وأنعم الله عليهما - وكان كلاهما لباسا - فالمذموم من الثياب ما فيه خيلاء. والمحمود ما كان إظهارا لنعمة الله على عبده. حتى تلميذه العظيم الثالث سفيان الثوري - وهو إمام الزهد والورع و الحديث والفقه - قد انتفع بدروس الإمام في الملبس فأمسى يقول: الزهد في الدنيا هو بقصر الأمل ليس بأكل الخشن ولا بلبس الغليظ. أزهد في الدنيا ثم نم. لا لك ولا عليك. إن الرجل ليكون عنده المال وهو زاهد في الدنيا. وإن الرجل ليكون فقيرا وهو راغب فيها.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يلبس ما تيسر من الصوف تارة ومن القطن تارة ومن الكتان تارة. وكانت مخدته من أدم حشوها ليف نخل. ولما قال له رجل يا رسول الله أنا أحب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة. أفمن الكبر ذاك؟ قال (لا. إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس).