واقفا وهو في مجلس الدرس، فقال (يا ابن رسول الله - لو شعرت بك أول ما وقفت ما رآني الله أقعد وأنت قائم) ليشهد الله على دخيلة نفسه أنها لا تقبل الجلوس والإمام قائم.
وأبو حنيفة (80 - 150) أكبر عمرا من الإمام الصادق.
لكن الصادق يشد أزره بعبارات مشجعة. فيقول له (اجلس يا أبا حنيفة فعلى هذا أدركت آبائي) يريد بذلك إعظام مجالس العلم. ووقوف الجميع.
وجلوس الأستاذ.
انقطع أبو حنيفة إلى مجالس الإمام طوال عامين قضاهما بالمدينة، وفيهما يقول (لولا العامان لهلك النعمان) - وكان لا يخاطب صاحب المجلس إلا بقوله " جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله ".
ولقد يتحدى الإمام الصادق في مجلسه أبا حنيفة ليختبر رأى صاحب الرأي فيسأل: ما تقول في محرم كسر رباعية الظبي. ويجيب أبو حنيفة:
يا ابن رسول الله لا أعلم ما فيه. فيقول له الإمام الصادق: أنت تتداهى.
أو لا تعلم أن الظبي لا تكون له رباعية!.. وإنما سكت أبو حنيفة لأنه لم يعلم كما قال، أو لأنه يمتنع عن أن يصحح للإمام السؤال. وما كان أعظم أدب أبي حنيفة بين نظرائه. فما بالك به بين يدي الإمام.
فإذا جاء ابن شبرمة وحده يسأل عما لم يقع - كدأب تلاميذ أبي حنيفة ومدرسة الكوفة - لم يتردد الإمام في دفعه، بالحسنى:
ذهب إليه ذات يوم يسأله عن القسامة في الدم فأجابه بما صنع النبي.
فقال ابن شبرمة: أرأيت لو أن النبي لم يصنع هذا، كيف كان القول فيه؟ فأجابه: أماما صنع النبي فقد أخبرتك به. وأما ما لم يصنع فلا علم لي به.
والصادق عليم بالاختلاف بين آراء الفقهاء، أي بعلم المدينة وعلم الشام وعلم الكوفة، وهو يروى عشرات الآلاف من الأحاديث، في حين كانت قلة ما سلمه أهل العراق من الحديث آفة علمائه، حتى صوبهم