فأي قلب، في اطمئنانه واتزانه، كمثل ذلك الذي يفيض بالشكر، حيث يغيض الصبر عند الغير!.
2 - ونهى أهل بيته عن الصعود - فدخل يوما فإذا جارية من جواريه تربى بعض ولده، قد صعدت السلم، والصبي معها. فلما نظرت الإمام ارتعدت لعصيانها وسقط الصبي من يدها. فمات. فخرج الصادق متغير اللون. فسئل عن ذلك فقال (ما تغير لوني لموت الصبي. وإنما تغير لوني لما أدخلت على الجارية من الرعب) ثم قال لها بعد ذلك (أنت حرة لوجه الله. لا بأس عليك).
فهذا أمر واحد عادي، تبعته وقائع ثلاثة غير عادية، أعقبها من الإمام تصرفات لا تصدر إلا عن الإمام. في كل واحدة منها أنواع فضائل.
تبدأ باحترام إنسانية الإنسان. وتنتهي بعطاء، دونه كل عطاء، يختمه بالكلمة الطيبة - لا بأس - ويبدؤه بأعلى القيم الإنسانية. إذ يمنحها حريتها.
3 - وذهب مرة يعزى أحد المصابين بفقد ولده. وانقطع في الطريق شسع نعله، فتناوله من رجله ومشى حافيا. فخلع ابن يعفور شسع نعله وقدمه له. فأعرض عنه كهيئة المغضب وقال لا. فصاحب المصيبة أولى بالصبر عليها..
فالإمام لا يلقى متاعبه على من دونه. بل يتحمل الأذى ليتعلم الناس وجوب العمل، ولزوم التحمل. وليعلم الكبراء أنهم كبراء بما يضربونه من المثل. وليدرك الجميع أن الصبر على المصيبة شطر الإيمان. وأحق الناس به من أتيحت الفرصة له.
4 - وذات يوم دعا للطعام عابر سبيل لم يقرئه السلام. فراجعه حضاره متسائلين بين يديه: أليست السنة أن يسلم الرجل أولا، ثم يدعى للطعام؟
فأجاب الإمام " هذا فقه عراقي فيه بخل ".
ففقه الإمام " علوي " يبدأ بالعطاء. وعملي فيه مبادرة. واجتماعي يسعى به المعطى إلى الآخذ. وإسلامي، إنساني، كله كرامة.