بيته صلة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأول من تبعه، عليا كان أو أبا بكر. بل بهما معا.
وعندما نذكر أن القاسم بن محمد ظل مصدرا للعلم حتى شارف الصادق ربع القرن من حياته، وأن الصادق شهد حلقات عكرمة مولى ابن عباس، (104) وعطاء بن أبي رباح، بمكة حيث كان يجلس ابن عباس، وأن أوامر الولاة في الموسم كانت (لا يفتى الناس إلا عطاء)، كما شهد بالمدينة حلقة عبد الله بن أبي رافع - مولى أمير المؤمنين على - الذي أملى علي عليه كتابه إلى معاوية، وحلق خاله عبد الرحمن بن القاسم، وعروة بن الزبير (94) الراوية عن خالته عائشة، ومحمد بن المنكدر (130) شيخ مالك، فليس علينا أن نحاول البحث عما تلقاه جعفر بن محمد الصادق في صباه.
ولقد كان علم أهل البيت حسبه - فكيف إذا اجتمع إليه علوم هؤلاء، ليملأ بالفقه الشيعي وبالفقه المقارن مدينة الرسول، من يوم مات أبوه وهو بعد في ثلاثيناته.
والصبي من " أهل البيت " لا ينفق صباه في " عمل لا شئ " فذلك هو اللهو. أو في " عدم عمل شئ ". فهذا هو الفراغ.. وعلى الأجيال المتعاقبة منهم تبعات في تعاقب الإمامة. لا تدع لهم محيصا عن الإحاطة الكاملة بما لدى غيرهم من علم، فوق علمهم. وما هو إلا القرآن والسنة والسيرة.
والقرآن كما يقول ابن عباس " في بيتهم نزل ". والسنة من بيتهم صدرت.
والسيرة سيرتهم.
واللغة طريق ذلك كله، وهي بعد حصيلته. وإنك لتدرك منزلة جعفر بن محمد في البيان العربي من تداوله للتفسير في اقتدار على تخريج المعاني لا قرين له. وسنراه غدا عمدته النصوص في الفقه والدين، يستخرج منها أعمق المعاني بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، شأن أمراء البيان. ومن تكن النصوص عمدته الأولى، فالبلاغة عدته الكبرى.
ولئن لم يتميز الأطفال أو الصبية في بيت زين العابدين والباقر بخصوصيات تكبر وتنمو فتبرز إذ هم شيوخ وأئمة، إن بيت زين العابدين ذاته كان