الأدب، والعلم بالأخبار، والإحاطة بالسنة النبوية، والاطلاع على التفسير إلى جانب المعرفة بالمذاهب الفلسفية، والنكت العلمية، وخلاصة الآراء في الطب، والرياضيات، والفلك، والكيمياء، كما يجدون عنده بصرا بأسرار النحو والصرف والبيان، ورواية واسعة للغات القبائل العربية ولهجاتها المختلفة. لقد كان العالم الجهبذ في أواخر العصر الأموي، وفي القرون الأولى للعصر العباسي، مكتبة متنقلة تنطوي في أحشائها على كنوز الإنسانية في كل ما ورثته من علوم الأولين، وما اكتسبته بعد ذلك بتجاربها الخاصة.
وبما أن الإمام الصادق قد كان من ركام هذه المعارف في القمة، بل كان الآية الأولى على حلول هذا العصر الذي أسمح لنفسي بتسميته، بالعصر الإنساني، فقد رأيت واجبا علي أن أتحدث عن إنسانيته هذه، التي افتتح بها العصر الذهبي لإنسانيات إسلامية كثيرة، تزين بها التراث الإسلامي والعربي من بعده خلال القرون العباسية الأولى.
والحق أن التاريخ الإسلامي لم يتميز بهذه الخصوصية عن غيره من تواريخ الأمم الأخرى. فقد رأينا مثل هذه الظاهرة خلال القرون الوسطى الأوروبية. رأيناها في علماء الكنيسة من الكهان الذين كانوا ينصرفون إلى المعرفة والاطلاع على تراث البشرية منها كله، ورأيناها أيضا في فلاسفة عصر النهضة وعلمائه. وهم الذين كانوا يشاركون في كل علم، ويعالجون كل مشكلة، ويحيطون علما بكل ما كان يشغل البشرية يومئذ من شؤون وشجون.
ولعلنا لو قرأنا فصلا من فصول قصة أحدب نوتردام التي كتبها