وعفى عنا وعنكم بفضل رحمته، الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، تحركوا بأيديكم وسيوفكم وهوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلاته بسيفه، فان لكل شئ مدة وأجلا.
(12) ومن خطبته (سلام الله عليه) يذكر فيها آل محمد (ص): هم عيش العلم، وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق، ولا يختلفون فيه، هم دعائم الاسلام، وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق في نصابه، وانزح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، وإن رواة العلم كثير ورعاته قليل.
(13) كلامه (سلام الله عليه) لكميل بن زياد النخعي:
قال كميل بن زياد: أخذ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بيدي فأخرجني إلى الجبانة، فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال:
يا كميل إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك:
الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
يا كميل العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله.