فقلنا: إنا شربنا منه.
قالوا: أنتم شربتم منه؟
قلنا: نعم.
فقال رئيس الدير: والله ما بني هذا الدير إلا بذلك الماء استخرجه إلا نبي أو وصي نبي.
ثم سار بنا حتى أتى الرقة، ولما نزل علي (كرم الله وجهه) الرقة نزل بموضع يقال له " البلخ " على جانب الفرات، فخرج راهب هناك من صومعته فقال لعلي (كرم الله وجهه): إن عندنا كتابا ورثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى ابن مريم (ع) ما أملاه عيسى عن الله تعالى أعرضه عليك؟
قال: نعم. فقرأ الراهب الكتاب المترجم بالعربية:
" بسم الله الرحمن الرحيم، الذي قضى فيما قضى وسطر فيما قدر، انني باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، وأمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشر، وعلى كل صعود وهبوط، وألسنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح، وينصره الله على من عاداه، واختلفت أمته من بعده ما شاء الله، فيمر رجل هو وصيه ومالح أمته على شاطئ الفرات، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقضي بالحق، والدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عنده من شرب الماء على الظمآن، يخاف الله في السر والعلانية، وينصح الأمة لا يخاف في الله لومة لائم، فمن أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان القتل معه شهادة ".