ينابيع المودة لذوي القربى - القندوزي - ج ١ - الصفحة ٨٨
كل ناعق (1)، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.
يا كميل العلم خير من المال، و (2) العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو (3) على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله.
يا كميل [بن زياد] معرفة العلم دين يدان به، [به] يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، والعلم حاكم والمال محكوم عليه.
يا كميل هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون وهم أموات (4) ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ها هنا لعلما بها (وأشار بيده إلى صدره المكرم المبارك) لو أصبت له حملة، بل أصيب (5) لقنا (6) غير مأمون عليه مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحجته على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه (7) ينقدح الشد في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما (8) باللذة سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين في شئ، أقرب [شئ] شبها بهما الانعام السائمة (9)، كذلك يموت العلم بموت

(1) الناعق: مجاز عن الداعي إلى باطل أو حق.
(2) لا يوجد في المصدر: " و ".
(3) يزكو: يزداد نماء (4) لا يوجد في المصدر: " وهم أموات ".
(5) في المصدر: " إلى أصبت ".
(6) اللقن: من يفهم بسرعة.
(7) في أحنائه، أي: جوانبه، ومفردها حنو.
(8) المنهوم: المفرط في شهوة الطعام.
(9) السائمة: الانعام التي ترسل لترعى من غير أن تعلف.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 93 94 ... » »»
الفهرست