والباقي إما أن يقتل ويهوي إلى أسفل السافلين وإما أن يرتد، فتموت الكلمة الطيبة وتضيع أتعاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو خلاف مقتضى الرحمة الإلهية الواسعة ونبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاضطر (عليه السلام) إلى السكوت عن حقه وبقي صفر الكف مكتوف اليدين، رعاية للمصالح العامة وملاحظة للنطف المودعة في الأصلاب وما ستحمله الأرحام، فتوجهوا إلى الله ابتغاء مرضاته وصبروا على ما تجرعوا جراء غصب حقوقهم، وتحملوا لوم السفهاء واعترضات الجهلة من القوم، وهي أشد بمراتب على الحسن (عليه السلام) من الجرح الذي غاص في فخذه، حيث خاطبه بعضهم ب «يا مذل المؤمنين».
روي عن أبي سعيد عقيصا، قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام):
يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وأن معاوية ضال باغ؟
فقال: يا أبا سعيد! ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإمامهم عليهم بعد أبي؟
قلت: بلى.
قال: ألست الذي قال رسول الله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟
قلت: بلى.
قال: «فأنا إمام لو قمت أو قعدت، يا أبا سعيد! علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لبني حمزة وبني الأشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل. يا أبا سعيد! إذا