تطلبون بثارهم، فأما الباكي فخاذل وأما الطالب فثائر، وإن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الحياة قبلناه منه وأغضينا على القذى، وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه إلى الله».
فنادى القوم بأجمعهم: بل التقية والحياة.
فاضطر الإمام (عليه السلام) إلى الصلح ثم أنشأ يقول:
لئن سائني دهر عزمت تصبرا * وكل بلاء لا يدوم يسير وإن سرني لم أبتهج بسروره * وكل سرور لا يدوم حقير (1) ولما سمع معاوية بتخاذل جيش الإمام (عليه السلام) بعث إليه برسائل يتودد فيها إليه، منها: «يا ابن عم لا تقطع الرحم الذي بيني وبينك، فإن الناس قد غدروا بك وبأبيك من قبلك» ثم بعث إليه بكتب أهل العراق التي أرسلوها إلى معاوية يدعوه فيها إلى القدوم، ويعاهدونه أنه إذا اقترب منهم سلموه الإمام (عليه السلام) مكتوفا أو يقتلوه (2).
فلما رأى الإمام موقف عسكره صالح وهو يعلم أن ليس في جيشه المتشكل من أربعين ألف مقاتل من يفي إلا أقل القليل، ولو حارب بهم لأسلموه في أول حملة وقطعوه إربا إربا، فقام الإمام خطيبا وقال: «ويلكم والله إن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، وإني أظن أني إن وضعت يدي في يده فاسالمه لم يتركني أدين لدين جدي، وإني أقدر أن أعبد الله عز وجل وحدي، ولكني كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعل الله