فحملت رقاقا - يعني صكاكا - بعدد محبي أهل البيت، وأنشأ تحتها ملائكة من النور، ورفع إلى كل ملك صكا، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق، فلا يبقى محب لفاطمة إلا دفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار، فصار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار (١).
ثم لما نزل قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها) اغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غما شديدا وحزن لدخول أمته النار، فجلس في بيته وكلما سأله الأصحاب عن سبب حزنه لم يجب، فتوسلوا بفاطمة (عليها السلام) فقامت إلى أبيها وسألته عن سبب حزنه، فقال: أخبرني ربي بكذا وكذا وتلا الآية، فبكت فاطمة (عليها السلام) ثم توسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسنان بالله تبارك وتعالى وفدوا أمتهم بأنفسهم، فنزل جبرئيل وقال: يا محمد! الله يقرءك السلام ويقول: قل لفاطمة لا تحزن، فإني أفعل ما تحب.
وهذه البشارة نظير البشارة في نزول قوله تعالى ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ (2) وسيأتي الكلام عنها إن شاء الله.
فانظر يا شيعة فاطمة ومحبها كم لهذه العظيمة من مزية ومنزلة عند الله تبارك وتعالى بحيث يقول جبرئيل: يا محمد! قل لفاطمة لا تحزن (3).
وإن هذه الأسرة التي فدت سعادة الأمة في الآخرة بنفسها أحرى بتقديم الغير على نفسها في هذه الدنيا، مع أنها أحق من غيرها غاية الاستحقاق كما أخبر