ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي) (1).
فلو أنه قال: أصلح لي ذريتي، لكانت ذريته كلهم أئمة ولكن خص هكذا.
ولم يرضع الحسين من فاطمة (عليها السلام) ولا من انثى، ولكنه يؤتى به إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاثة، فنبت لحم الحسين (عليه السلام) من لحم رسول الله ودمه، ولم يولد مولود بستة أشهر إلا عيسى ابن مريم (عليه السلام) والحسين بن علي (عليهما السلام) (2).
والظاهر أن في الحديث يحيى بن زكريا بدل عيسى بن مريم، لأن في تفسير القمي في قوله تعالى في سورة مريم (عليها السلام) (فحملته فانتبذت به مكانا قصيا) قال:
فنفخ في جيبها فحملت بعيسى بالليل، فوضعته بالنهار، وكانت حملها تسع ساعات، وجعل الله له الشهور ساعات، وكذا في الكافي عن الصادق (عليه السلام).
وهذا الحديث دليل على عظم جلالة فاطمة وعلو شأنها، حيث جعل الله الخلافة العامة منحصرة في بطنها، وجعلها سليل النبوة ووعاء الإمامة، وبديهي أن المحل ما لم يكن قابلا مستعدا للفيض الكلي لما تلقى الفيض، وإذا كان هناك معادل له أو مماثل في سائر نساء العالمين لما انحصر فيها، ولو كان لأبيها عديل في الأنبياء ولزوجها عديل في الأوصياء، لكان لها عديل في قبول هذا الفوز العظيم، ولذا أولت الآية الكريمة (فحملته كرها ووضعته كرها) في حقها، والضمير في الآية يعود عليها تأويلا.